منذ أن انتشر وباء كورونا في العالم ووصل إلى المغرب اتخذت السلطات المغربية إجراءات مشددة، وكنت شخصيا أساند كل هاته الإجراءات التي أعطت بعضا من ثمارها في الأشهر الأولى للحد من انتشار الجائحة.
لكن في الأشهر الأخيرة أصبحت بعض القرارات المستعجلة المتعلقة بالحجر الصحي وحالة الطوارئ المعلنة والممددة غير مفهومة وغير مقنعة للمواطن، سواء داخل الوطن أو خارجه.
قبل عيد الفطر بثلاثة أيام سافرت إلى المغرب وقمت بالإجراءات المطلوبة: الفحص 48 ساعة قبل السفر وتعبئة وثيقة من مكتب المطار (طلب مني أن أملأ مثلها حين وصلت) والالتزام بالكمامة.
لكن حينما نزلت بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء أول ما لفت نظري هو عدم التزام الناس، بمن فيهم العديد من المسؤولين في المطار، بوضع الكمامة، وإذا ما وضعوها فهي تحت الذقن لحماية الرقبة وليس لحماية الأنف والفم. وكنت تقريبا الوحيد الذي يضع الكمامة داخل عربة قطار البراق الذي أقلني إلى مدينة طنجة.
حينما كنت أتجول في شوارع طنجة كنت أحس بالحرج وأنا من بين القلائل الذين يضعون الكمامة، حتى إنني اعتكفت في اليومين الأخيرين قبل سفري نظرا للحرج الشديد (دون مبالغة) من نظرات الناس التعجبية إلى هذا “الكائن المكمم”.
لكن المفاجأة أتت حين أعلنت الحكومة عن الإجراءات الجديدة للسفر إلى المغرب، إذ استغربت الجالية المغربية في قطر والإمارات العربية المتحدة بأن وضعت الدولتان في اللائحة “ب”.
لقد سافرت إلى المغرب قبل ثلاثة أسابيع قادما من قطر بدون مشاكل، ومنذ ذلك الوقت والحالة الوبائية في قطر في تناقص متسارع، بل إن الأغلبية الساحقة من الجالية أخذت التطعيم. كما أن الدولة في قطر تطبق إجراءات مشددة، مستخدمة تطبيق “احتراز” المبني على الذكاء الاصطناعي، فلماذا إذن يوضع القادمون من هناك في الحجر الصحي؟ بل السؤال الحقيقي ما الذي تغير منذ ثلاثة أسابيع؟ وما رأي السفارة المغربية في قطر؟ ألا يدري مسؤولو السفارة بالأمر؟ ألم يكن من الأجدر استشارة السفارة لإعطاء تقييم حقيقي للوضع في كل دولة؟ ولو قام المسؤولون بهذا لعلموا أن قطر مثلا من أحسن الدول تعاملا مع الجائحة، بصرامة وشفافية وتعليمات واضحة وليست مبهمة كبيان حكومتنا.
وبما أن البيان كان غامضا جدا ويدل على ضعف خبرة كاتبه، فقد قضت الجالية المغربية ليلتها في محاولة يائسة للحصول على المعلومات الحقيقية للبيان وسط العديد من التكهنات.
في الحقيقة كانت الأسرة فرحة بقرب فصل الصيف لزيارة المغرب الذي لم تزره منذ صيف 2019، لكن قرار الحكومة غير المبرر جاء بمثابة الصدمة لكل الأسر المغربية هنا في قطر.
من غير المعقول أن آخذ عطلة شهر فأقضي عشرة أيام في فندق بالدار البيضاء، قبل أن أتوجه إلى مدينة طنجة، بينما كل خلق الله في الشارع يتعانقون ويتصافحون وللكمامة تاركون.
هل يعلم المعنيون أن أسرة مكونة من خمسة أفراد يجب أن تصرف حوالي ستة آلاف درهم من أجل الفحص فقط، وإذا ما أضفنا إجراءات الحجر الصحي التي فرضتموها وحسب المعلومات التي حصلنا عليها فإن الإقامة في الفندق ستكلف الأسرة على الأقل ثلاثين ألف درهم؟.
لقد سئمنا من هذا التعامل الفج مع الجالية، سواء في السفارات أو المطارات أو عبر ارتجال القرارات، ونتمنى أن يتدارك العقلاء في الحكومة هذا الأمر، وخاصة بالنسبة للدول التي تعاملت مع الوباء بكفاءة مشهود لها.