يتضافر العلم والإبداع في مبادرة جديدة، تطمح تجديد نَفَسِ التّعلم الجامعيّ وعدم حصره في التلقّي والبحث والامتحان.

وفتَح المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالعاصمة الرباط مجموعة من النوادي الإبداعيّة في وجه طلبته من مختلف مستويات التحصيل الجامعيّ، كما حدّد موعديْن قارّين شهريّا تجتمع فيها المؤسّسة على الأدب والسينما والنّقاش الفكريّ.

وخصّ المعهد النواديَ بمقرّ تزيّنت حيطانه بالإبداعات الفنية الأولى التي أنتجها طلبة هذه المؤسسة الأكاديمية، بعدما أضاف إليه منشورات فنية ومجلات ثقافية وفلسفية وأخرى تتابع الشّأن العامّ بالبلاد.

وعلى مدار الأسبوع، بُرمِجت دروس مع مهنيّين ومتخصصين في الرسم والمسرح والرّقص والفوتوغرافيا الفنية والموسيقى.

ونُظِّم، الثلاثاء، بمبنى معهد علوم الآثار والتراث في الرباط، أول اللقاءات الأدبيّة التي جمعت أساتذة المعهد ومديره وطلبته مِن سلك الإجازة إلى الدكتوراه.

وطيلة ساعتين، استضاف المعهد الأكاديميّ محمدا عبد الجليل الهجراوي، الذي اعتمر قبّعة العالِم الأديب، والملحّن جمال الأمجد.

وقالت نعيمة أولمكي، أستاذة باحثة بالمعهد منسّقة النوادي، إنّ مقصد هذا الاختيار البيداغوجيّ هو “استثمار الفنّ في التّطوّر الشّخصيّ للطّالب” و”الانتباه إلى الطّاقات الإبداعيّة للطّلبة”؛ لأنّ “العلم لا ينفصل عن الأدب والفنّ”.

وزادت المتحدّثة في افتتاح اللقاءات الأدبية لمعهد علوم الآثار والتراث إنّ خلق الأندية يروم منح الطلبة “فضاء للحُلم، بعدما كنّا نرى ألا حديث بين طلبة مختلف المستويات، وحتى يوفَّر لها مكانٌ للقاء، ولا يُقتصَر، في تواصل الطّالب والأستاذ، على العلاقة التعليمية المنحصرة في الدرس والبحث (…) دون بعد إنسانيّ”.

هذه الأهداف هي نفس ما يسطّر عليه بلاغ اللقاء الذي يفصح عن طموحه في “نشر ثقافة المطالعة، والإقبال على الكتب والإنتاجات الأدبية المختلفة والخروج من الإيقاع الدّراسيّ والأكاديميّ اليوميّ من خلال خلق مساحة يتمكّن فيها الطّلبة من الانفتاح على عالَم الأدب والفنّ (…) ومناقشة مواضيع مختلفة في الأدب والفلسفة والفنون”.

من جهته، نبّه محمد عبد الجليل الهجراوي، أكاديمي شاعر، على الوجه الجميل والأدبيّ للأركيولوجيا التي ألهمتهُ عددا مِن قصائده، رافضا الرّؤى المتحجّرة لها بوصفها علما.

وعلى الرغم من هذه القناعة، فإن الهجراوي لم يخفِ المفارقة التي وجد نفسه يفكّر فيها بعدما تلقّى دعوة الحضور؛ وهو ما عبّر عنه بسؤال استنكاري وجواب منظور: “هل سأذهب إلى معهد الآثار لأقرأ الشعر؟ عجيب”.

وألقى الهجراوي شعرا وزجلا عن الحياة وتجاربها وغدرها، وما استجدّ في هذه السنة، ومِحَن النّفس، ولحظات الفهم الخاطئ وما يليها من عتاب، وعن الأمّ وحنوِّها وذكراها.

وفضلا عن الشّعر الملقى والمغنّى على أنغام عود جمال الأمجد، جمع الأدب، في هذا اللقاء، أجيالا من الأركيولوجيّين المغاربة مع إلقاءين شعريّين لطالبتين بالمعهد. كما كان الحاضرون على موعد، أيضا، مع حكايات الكتابة، وما يُلحَّن ليُغنّى، ومسار الاستلهام والتكامل بين التّخصّص العلميّ والشّغف الفنّيّ.

hespress.com