قال المخرج والإعلامي المغربي المقيم بألمانيا، محمد نبيل، في حديثه عن العلاقة بين “كوفيد-19” والفن السابع، إن “هذا الفيروس المزعج يبعد الإنسان عن ذاته وعن الغير، ويؤسس للحظة انفصال تاريخية وفريدة من نوعها، ولا يمكن أن نتطرق إلى هذا الموضوع دون أن نبدي ملاحظة مفادها أن “كوفيد-19” يطرح “سؤال الإنسان”، الذي طرح في تاريخ الفلسفة والعلوم، ويعاد الآن بصيغ وأشكال مختلفة ومغايرة”.

وأشار محمد نبيل، في شريط مصور، إلى أن “”كوفيد-19″ يؤسس لخوف قد يتحول مع مرور الزمن إلى فوبيا مقلقة، ويظهر ذلك جليا في مجتمعات تؤسس وتدافع على مركزية الجماعة على حساب الفرد، حيث تبدو الظاهرة في هذه المجتمعات أكثر وضوحا، بغض النظر عن حيثيات هذا الفيروس وتداعياته والنظريات التي تعالجه، سواء التي تدافع عن وجوده أو التي تقوم بنفيه”.

وأكد المتحدث ذاته أنه قبل التطرق إلى سؤال الفن السابع في علاقته بـ”كوفيد-19″، والمخارج التي من خلالها يمكن أن نتحدث عن هذه العلاقة، “لا بد من استحضار شيء أساسي؛ يتمثل في كون الفن السابع هو مجال إبداعي بصري جماعي، و”كوفيد-19″ له منطق خاص، إذ تتناقض قواعد التباعد الاجتماعي مع منطق الفن السابع”.

وأوضح محمد نبيل أنه “في ألمانيا، بدأت إرهاصات ومحاولات لتصوير مشاهد سينمائية لأربعة أشخاص، مع احترام التباعد الاجتماعي، وتفادي تصوير مشاهد سينمائية لممثلين في علاقة حميمية أو رومانسية بسبب منطق التباعد، الذي فرض نفسه حتى على مستوى النصوص والكتابة الدرامية، وهي محاولات فاشلة إلى حد ما، لأنها لا تستطيع تجاوز هذا المنطق”.

وشدد الفنان المغربي المقيم في ألمانيا على أن “هناك محاولات للخروج من هذا المأزق، من خلال توظيف مواقع التواصل الاجتماعي التي تحاول نشر الثقافة والفكر السينمائي، ونشر الثقافة التقنية السينمائية وتقريبها من الجمهور، ومحاولة تأسيس المشاهد الافتراضية لبناء هذه الثقافة السينمائية الجديدة، حيث يقوم بها السينمائي، سواء كان تقنيا أو مخرجا أو ممثلا…، وهي محاولات تواجه حسب رأي السينمائيين في أوروبا قضية التأمين، وتواجه، أيضا، قضية لقمة العيش، وصعوبات لخلق سينما إبداعية لها مقومات وقواعد، وتعتمد على طاقم كبير، وهذا لا يمكن القيام به في هذه الظروف”.

إن هذه الإرهاصات أو المخارج، يضيف محمد نبيل، “يمكن اعتبارها مؤقتة في انتظار عودة الحياة إلى طبيعتها، لأن منطق العمل السينمائي يتناقض مع منطق الفيروس وكيفية انتشاره، وهذا التضاد والمفارقة لا يمكن إلا أن نراهن فيها على الزمن، وعلى العودة إلى زمن ما قبل “كوفيد-19″؛ وهو زمن ليس بالقريب، لكن رهانات واجتهادات السينمائيين من أجل التعبير عن هذه الجائحة سينمائيا ومسرحيا وفنيا بشكل عام. كما أن هناك إبداعات في مجال ما أسميه بالمخارج المؤقتة”.

وناقش المخرج والإعلامي المغربي عن الجانب السيكولوجي الفنانَ المسرحي، إذ أكد أن “الفنان تأثر بفعل هذا الحصار التاريخي الجديد، ولكي يعبر عن ذاته يحتاج شيئًا من الزمن، ويحتاج العودةَ إلى حالته الطبيعية، إضافة إلى مسألة لقمة العيش والإبداع وغيرها من القضايا التي تفرض على الفنان السينمائي القيام بوقفة تأملية وعلاجية أيضا”.

وبعدما أشار محمد نبيل إلى أن “الكثير من الفنانين السينمائيين يعانون مشاكل نفسية كثيرة تختلف حسب المجتمعات”؛ شدد المخرج والإعلامي المغربي المقيم في ألمانيا على أن “رهان الفنان على الزمن والانتظار هو رهان ضروري، لكن خلق أشكال بصرية وإبداعية في ظل هذه الجائحة يبقى أفضل من العدم”.

hespress.com