اتهم المغرب، لأول مرة، الجزائر بالتورط في عملية إدخال زعيم جبهة البوليساريو سراً إلى إسبانيا قصد العلاج من فيروس كورونا.
وقال السفير المدير العام للشؤون السياسية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، فؤاد يزوغ، إنه “يتعين إجراء تحقيق نأمل أن يكون شفافا لتسليط الضوء على كافة ملابسات هذه القضية”، مشيرا إلى أن هذا التحقيق “قد يكشف عن العديد من المفاجآت، لاسيما تواطؤ وتدخل أربعة جنرالات من بلد مغاربي”، في إشارة واضحة إلى الجزائر.
وأضاف المسؤول ذاته: “هذه المعلومة قد تفاجئكم، بل وقد تكون صادمة للرأي العام الإسباني، لكن لا تتفاجؤوا، فكما تعلمون تعد الأجهزة المغربية من بين الأكثر كفاءة”، مبرزا أنه “سيتم كشف المزيد من المعطيات في الوقت المناسب”. وهو ما يعني من كلام الدبلوماسي المغربي أن الأجهزة الاستخباراتية المغربية تمتلك أدلة أخرى على تورط الجزائر في إدخال غالي إلى التراب الإسباني بتلك الطريقة المثيرة.
ويعود التنسيق الجزائري الإسباني في ملف إبراهيم غالي إلى 29 مارس الماضي، عندما قام وزير الخارجية صبري بوقادوم بزيارة إلى مدريد قبل أيام قليلة من توجه زعيم البوليساريو إلى إسبانيا (18 أبريل)، حيث جرى الاتفاق على نقله سراً إلى الأراضي الإسبانية دون إشعار السلطات المغربية.
ويبرز دور النظام الجزائري في “أزمة الرباط مدريد” في تخصيص النظام العسكري طائرة خاصة تابعة للرئاسة الجزائرية لنقل إبراهيم غالي، حطت بمطار سرقسطة يوم 18 أبريل، لتقله سيارة إسعاف مرفوقا بأجهزة أمنية إلى مستشفى لوغرونيو.
وخلافاً لما تدعيه وزيرة الخارجية الإسبانية من أن إبراهيم غالي دخل إلى التراب الإسباني بجواز سفره العادي، لكنه زور هويته بالمستشفى “لأسباب شخصية”، فقد أكدت الصحافة الإسبانية أن طريقة إدخاله كانت سرية، وتعمدت الابتعاد عن أعين المتطفلين من خلال اختيار مطار سرقسطة العسكري.
ويبدو أن النظام الجزائري نجح في توريط وزيرة الخارجية الإسبانية في خطة إدخال زعيم البوليساريو بتلك الطريقة، إذ أكدت تقارير إسبانية سابقة أن وزير الداخلية الإسباني عارض عدم إبلاغ السلطات المغربية بالموضوع، لكن رئيسة الدبلوماسية الإسبانية أقنعت بيدرو سانشيز بذلك.
واختارت وزيرة الخارجية الإسبانية وضع يدها في يد النظام الجزائري رغم أن مدريد تُعتبر الشريك التجاري الأول للرباط منذ سنوات. وبدأ التقارب الإسباني الجزائري على حساب المغرب يزدادُ منذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء الذي عارضته كل من إسبانيا والجزائر بشدة.
وانتقد وزير الخارجية الإسباني السابق خوسيه مانويل جارسيا مارجالو تورط وزيرة الخارجية الإسبانية الحالية في “إدخال رئيس جمهورية غير معترف به من قبل إسبانيا ولديه قضية معلقة أمام المحكمة الوطنية بمدريد”، مؤكدا أن إدخاله إلى إسبانيا هو بمثابة “لعب بالنار”.
وشد وزير الخارجية الإسباني السابق، في تصريح صحافي، على أن “الترحيب بغالي كان خطأ”، وتابع بأنه “كان يجب إخطار الرباط” لمعرفة موقفها من الخطوة.
وفضحت يقظة أجهزة الاستخبارات المغربية مخطط الجزائر وإسبانيا الذي كان ينوي إبقاء قضية علاج إبراهيم غالي سراً، وهو ما دفع كثيرا من النشطاء المغاربة إلى الإشادة بقوة المخابرات الخارجية (لادجيد).
ويرتقب أن تتفاقم الأزمة بين الرباط ومدريد في حالة ما إذا اختارت إسبانيا السماح لإبراهيم غالي بمغادرة أراضيها دون مثوله أمام القضاء في فاتح يونيو المقبل.
وأكدت سفيرة المغرب بمدريد، كريمة بنيعيش، أن اللجوء إلى إخراج المدعو إبراهيم غالي من إسبانيا بالطريقة نفسها التي تم إدخاله بها “اختيار للركود ولن يزيد الأزمة الدبلوماسية بين البلدين إلا تفاقما”.