احتفت مدينة البوغاز، اليوم الاثنين ، بالذكرى 76 لزيارة السلطان محمد الخامس تغمده الله برحمته لطنجة ذات الدلالات الوطنية العميقة.

Ad imageAd image

وانطلقت هذه الاحتفالية الخاصة، التي تميزت بحضور المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، ووالي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة محمد مهيدية، ورئيس مجلس الجهة عمر مورو وعامل إقليم الفحص-أنجرة عبد الخالق المرزوقي وممثلي السلطات العسكرية والأمنية والقضائية والمنتخبين، بوقفة استحضار بساحة 9 أبريل، ووضع باقة من الزهور عند اللوحة التذكارية المخلدة لخطاب طنجة التاريخي.

وجرى بالمناسبة رفع أكف الضراعة ترحما على فقيدي الأمة المغفور لهما السلطان المحرر محمد الخامس ووريث سره وباني المغرب الحسن الثاني، وبأن يحفظ المولى عز وجل أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويقر عينه بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة.

كما جرى بالمناسبة الوطنية المتميزة عقد مهرجان خطابي لتسليط الضوء على أبعاد ومعاني ودلالات هذه الزيارة التاريخية التي عرفها المؤرخون برحلة “التحدي وصلة الرحم ” والرامية أساسا الى رفع الحدود الوهمية التي حاول المستعمر إقامتها بين المنطقة الخليفية بشمال المغرب ومنطقة الحكم الدولي بطنجة.

وفي هذا السياق، أبرز السيد الكثيري، في كلمة له ، أن الزيارة الميمونة التي قام بها أب الأمة وبطل التحرير والاستقلال، جلالة المغفور له الملك محمد الخامس إلى مدينة طنجة في التاسع من أبريل 1947، “شكلت حدثا وطنيا ودوليا تعددت دلالاته ومراميه، ومثلت منعطفا مفصليا ونهجا سياسيا جديدا حدد معالم مسار الكفاح الوطني من أجل نيل الحرية والاستقلال”.

وأوضح أن هذه الزيارة التاريخية شكلت تحديا كبيرا للسلطات الاستعمارية وحاولت بكل الوسائل وشتى الطرق لمنعها، ووصل العتو والتجبر إلى حد تدبيرها لمجزرة رهيبة بمدينة الدار البيضاء يوم 7 أبريل 1947، والتي راح ضحيتها مئات المواطنين الأبرياء الذين حصدهم الرصاص الأعمى لقوات الاحتلال، بهدف الحيلولة دون تواصل جلالة المغفور له محمد الخامس مع رعاياه بشمال المملكة.

وأكد أنه وعلى الرغم من العراقيل والمثبطات التي وضعتها سلطات الاحتلال الأجنبي أمام الرحلة التاريخية إلى مدينة طنجة، فقد أصر جلالته على تنفيذها والقيام بها وفق المسار الذي حدده والبرنامج الذي سطره، تأكيدا منه على وحدة التراب الوطني ونبذ التقسيم والتشرذم الذي تعرضت له البلاد بعد فرض الحماية عليها من لدن الدول الاستعمارية.

وأشار المندوب السامي الى أن السلطان سيدي محمد بن يوسف رأى في الزيارة التاريخية الباب الموارب للمنظومة الاستعمارية للدخول منها إلى قلب الساحة الدولية والهجوم على نظامي الحماية الفرنسية والإسبانية والمجاهرة بحق المغرب في أن يكون موحدا حرا مستقلا ، مضيفا أن السلطان الغفور له محمد الخامس اختار مدينة طنجة لتكون ساحة معركة بين المغرب والقوى الاستعمارية، قادها جلالة المغفور له بكل تبصر ويقين على المستويين الوطني والدولي من خلال الارتحال إليها برا رغم التشويش والعراقيل التي نصبت في طريقه.

كما أشار الكثيري الى أن خطاب جلالته بطنجة شدد على عدالة القضية المغربية وأعلن للعالم عن رغبة المغرب في الاستقلال والحرية واستعداد أبنائه لبذل الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على الوحدة الترابية والتشبث بالانتماء الطبيعي للمحيطين العربي والإسلامي، كما كان للزيارة جانب روحي، فبالمسجد الأعظم بطنجة ألقى أمير المؤمنين جلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف يوم الجمعة 11 أبريل خطبة الجمعة، حث فيها الأمة المغربية على التمسك برابطة الدين،التي هي الحصن الحصين لأمتنا ضد مطامع الغزاة،ثم أم المؤمنين للصلاة.

وتميزت الزيارة الملكية لطنجة آنذاك، حسب كلمة المندوب السامي ،باللقاءات التواصلية الكثيرة للأمراء الأجلاء مولاي الحسن ومولاي عبد الله وللاعائشة مع شرائح عريضة من المواطنين لتفقد أحوالهم والإنصات لتطلعاتهم وانتظاراتهم، حيث أبان جلالة المغفور له الحسن الثاني رضوان الله عليه، وهو يومها وليا للعهد، في لقاءاته مع ساكنة طنجة عامة ومع شبيبة الكشفية الحسنية وناشئتها وطلائعها في التربية والتعليم، عن حصافة الرأي وقوة الشخصية والقدرة العالية على تحليل أوضاع البلاد وما تستلزمه المرحلة من تمسك بالهوية الوطنية والمقومات الحضارية وتحصيل العلم والمعرفة وتضافر الجهود للقضاء على مظاهر الجهل والتخلف، مشددا على أن الوحدة الوطنية والترابية حق يعلو ولا يعلى عليه وسيتحقق بإذن الله في القريب العاجل.

وتابع أن زيارة طنجة محطة بارزة ومشرقة، يستحضر فيها الشعب المغربي قاطبة من طنجة إلى الكويرة أقباسها ويحتفي بمعانيها السامية ودلالاتها العميقة التي تجسد انتصار إرادة العرش والشعب في ملحمة الكفاح البطولي في سبيل حرية الوطن واستقلاله ووحدته وصيانة مقوماته والدفاع عن مقدساته الدينية والوطنية.

وسجل الكثيري ان الاحتفاء بهذه الذكرى المجيدة، هي فرصة أيضا لاستحضار قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية المقدسة للتأكيد على التعبئة المستمرة واليقظة الموصولة لأسرة المقاومة وجيش التحرير كسائر فئات وأطياف المجتمع المغربي والإجماع الوطني وراء عاهل البلاد المفدى، جلالة الملك محمد السادس نصره الله من أجل صيانة وحدتنا الترابية وتثبيت مكاسبنا الوطنية.

وإن استحضار قضية وحدتنا الت رابية ، حسب ذات المصدر ، يدعو ويستحث القوى الحي ة ببلادنا وسائر الأطياف الس ياسية والن قابية والحقوقية والش بابية والن سائية على تقوية الجبهة الوطنية الد اخلية والت عبئة الجماعية واليقظة المستمرة.

وتم خلال هذا الحفل الوقوف عند النصب التذكاري المخلد لهذه الزيارة التاريخية وقراءة صالح الدعاء لفقيدي الأمة المغفور له محمد الخامس ووريث سره الحسن الثاني وكافة شهداء حرب التحرير والاستقلال. وبالنصر والتمكين لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وكافة الأسرة العلوية المجيدة.

كما تم تكريم 10 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الذين رحلوا لدار البقاء، وهم صفوة من أبناء هذه الربوع المجاهدة، اعتزازا بما برهنوا عنه من روح المسؤولية والتضحية وقيم الالتزام والوفاء والإيثار ونكران الذات سيحفظها لهم التاريخ بمداد من الفخر والاعتزاز، ويتعلق الأمر بمحمد لكحل والحاج محمد شيشتي وأحمد بليطو وشعيب أمزعوج وإدريس أسلاو ومحمد أشملال ومحمد زرقاني وزليخ بنحمو ومحمد أمدون وأحمد السفياني.

وإلى جانب التكريم المعنوي، حرصت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على التكريم المادي، حيث خصصت إعانات مالية لعدد من أرامل قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بهذه المناسبة الغالية، عرفانا بما أسدوه خدمة للوطن، وتعدادها 34 إعانة بغلاف مالي إجمالي قدره 68 ألف درهم.

وبمدينة اصيلة انطلق برنامج تخليد الذكرى 76 لزيارة السلطان محمد الخامس، بالوقوف أمام المعلمة التاريخية بكدية السلطان المجسدة لوقفة جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه بمدينة أصيلة.

almaghreb24.com