أعادت “جريمة حي الرّحمة” ترويج مجموعة من الأفكار حول مدينة سلا، التي ترتبط في مخيال المغاربة بالإجرام، ويكرّس تعدد الأفعال الجرمية في المدينة القريبة من العاصمة الرباط هذه الصّورة النمطية، بينما يخوض فاعلون محلّيون معركة افتراضية من أجل التعريف بتاريخ “مدينة القراصنة” ودورها الثّقافي والإشعاعي، وإبعاد “شبهة الإجرام” عن سكّانها المسالمين.

واهتز سكان حي الرحمة الشعبي، يوم السبت المنصرم، على وقع جريمة شنعاء راح ضحيتها ستة أشخاص من عائلة واحدة، بعد إقدام “مجهول” على ذبحهم جميعهم، ثم إحراق المنزل برمته، فيما تتواصل مجهودات الأمن لفك لغز هذه الجريمة الشّنيعة.

وتشهد مدينة سلا بين الفينة والأخرى عدة وقائع خطيرة، من قبيل الاقتتال بالسّيوف والكلاب و”الماء القاطع”، وجرائم أخرى تتعلق بالقتل والسّرقة والسطو على المنازل والمحال التجارية، وهو ما دفع سكان المدينة إلى الاحتجاج أكثر من مرة لردع المجرمين، بينما تم إنشاء مجموعة من المناطق الأمنية داخل بعض الأحياء الشعبية.

ويخوض مجموعة من النشطاء حملة داخل مواقع التواصل الاجتماعي لرد الاعتبار للمدينة التي ترتبط في مخيال المغاربة بالإجرام والمجرمين، حيث تم نشر تدوينات تتحدث عن تاريخ سلا وبعض أعلامها في مجالات الثّقافة والفن.

عبد اللطيف سودو، نائب عمدة سلا، كتب: “في سلا خلقت..وأمام مسجد السودان بتابريكت تعلمت المشي.. وبين أزقتها وأحيائها ترعرعت..وبدور الصفيح بدوار الجديد كنت أحب المبيت عند جدتي وعمي أثناء هطول الأمطار لأسمع نزولها فوق القصدير.. وبشاطئها تعلمت السباحة..بين شبابها تابعت دراستي لأتفوق في الثانوية علوم رياضية. أرسلتني مدينتي أنا وسبعة من أبناء سلا من قسم واحد لنتخرج مهندسين”.

وزاد المتحدث ذاته: ”بها أسكن..أبناؤها وبناتها ينتظرون العدل في المشاريع بين ضفتي أبي رقراق..هي المدينة التي يتواجد بها المطار والجامعة الدولية وناطحة السحاب المحسوبة على الرباط.. أفتخر بأنني منتخب بهذه المدينة المجاهدة.. مدينة التاريخ والعلماء و500 شاعر.. سلا ليست مدينة الإجرام.. سلا تحتاج إعادة الاعتبار.. سلاوي وأفتخر”.

وقال إبراهيم، وهو ابن مدينة سلا: “لقد عانت سلا المجاهدة من سنين طويلة من التهميش والإقصاء، وبدل أن يكون قربها من العاصمة سببا في ارتقائها حصل العكس، فقد شاهدت بأم عيني منذ سبعينيات القرن الماضي كيف كان هم الدولة هو تطوير الرباط وإهمال الضواحي، وكيف عرفت سلا توسعا سرطانيا بانتشار دور الصفيح والبناء العشوائي الذي شوه وجه المدينة وشوه معه حياة الناس”.

أما هدى بنخضرة فكتبت هي الأخرى: “سلا فوق كل اعتبار وفوق كل وصف يمكننا وصفها به، ونحن بعيدون كل البعد عن التقليل من قيمتها والإساءة إليها بكل وصف سيئ وقبيح. علينا أن نبذل كل جهدنا في التعريف بحقيقة هذه المدينة وبتاريخها المجيد وبشخصياتها العالمة والمناضلة والوطنية التي بصمت تاريخها العريق وبأصالتها وحضارتها العريقة، لا العكس كما نسمع ونقرأ من أوصاف عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

وأضافت المدونة ذاتها: “كفى من وصفها بمدينة الإجرام وغير ذلك، علينا أن نبحث عن الجميل وعن الأحسن لنعطيها صورة جميلة لائقة بمدينة عظيمة كسلا، وأيضا كي نصحح نظرة ورؤية الأشخاص البعيدين عنها ونساهم في حبهم وتعلقهم بها”.

وقال محمد الأمين، الذي وصف نفسه بأحد أبناء سلا البررة: “الواقع يقول إن سلا أصبحت مدينة الإجرام، والواقع يشهد بذلك مع الأسف، والواقع لا يرتفع. والأولى أن يقال: يجب إنقاذ مدينة سلا من مستنقع الإجرام الذي غرقت فيه”.

وتابع معلق آخر: “سلا تستحق مزيدا من العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية لتستقر وليهدأ الغليان الخفي…الأوضاع بها تحتاج إلى دراسة عميقة وتشغيل دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية”.

hespress.com