أعدّت مجموعة من الفعاليات المدنية بإقليم تنغير مذكرة ترمي إلى تفعيل نموذج تنموي جديد بـ”بلاد تودغى”، في سياق النقاش العام الذي تشهده المملكة حول نموذج التنمية المأمول، أوصت من خلالها بالتمكين المنصف لخلق بيئة محفزة على الاستقرار والاستثمار والتنمية المجالية الذاتية.

ونادت “مذكرة تينغير”، التي توصلت هسبريس بنسخة منها، بـضرورة تفعيل نموذج تنموي “لا يرتهن بمنطق المؤشرات الديمغرافية والسكانية، ومعايير المردودية والجدوى الاقتصادية، ومنطق الضغط والتشبيك وميزان القوى، فهو منطق غير حقوقي وغير مستدام على المستوى التنموي، لأنه حفز الهجرة وعدم الاستقرار بالمجال، وكرس الإحساس بالإقصاء وعدم الإنصاف”.

المذكرة التي صاغتها فعاليات جمعوية مختلفة، دعت في مقابل ذلك إلى “إحداث قرى إيكولوجية نموذجية لتجميع سكان الدواوير، وخلق أقطاب مهيكلة للخدمات والصناعة والحرف في المراكز الناشئة، قصد تقوية بنيتها الاقتصادية ودعم جاذبيتها ووظائفها الاقتصادية”.

كما أوصت المذكرة التنموية بـ”اعتماد قوانين منظمة للبناء والتعمير من أجل الحفاظ على نمط المعمار الجهوي والمحلي من حيث التصاميم، وكذا مواد البناء المحلية، ودعم سلاسل الإنتاج الثقافي التراثي الجهوي والمحلي، وتنزيل الطابع الرسمي للغة والثقافة الأمازيغيتين”.

يشار إلى أن المذكرة المرفوعة إلى اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، سهر على إعدادها شباب ينتمون إلى نحو 50 هيأة مدنية من إقليم تنغير، أطلقوا عليها “مذكرة تينغير حول النموذج التنموي الجديد”، ودعوا من خلالها إلى “استرجاع ظروف استدامة المنظومات الايكولوجية والاقتصادية للواحة، والعدالة الاجتماعية، والتمييز الإيجابي لجبر الضرر الترابي، كمفاتيح كبرى للنموذج التنموي الجديد”.

ومن أجل تحفيز الاستقرار والاستثمار بالمنطقة، اقترحت المذكرة وضع “استراتيجية لتقوية البنية التحتية الأساسية والمشاريع المهيكلة الكبرى، عبر الطرق والمواصلات كناقل أساسي للتنمية ومحفز على التحول والتطور، وكذلك إرساء استراتيجية حكومية لتحفيز التنمية المجالية الذاتية بتجهيز المناطق المعدة للاستثمار في كل مجال حضري، وإعادة النظر في تنظيم المراكز القروية”.

وفي السياق ذاته، أكدت الوثيقة على أهمية تحسين الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، بحيث دعت إلى إنشاء مدينة للبحث العلمي والمهن والكفاءات داخل تراب الإقليم، تهتم خاصة بتنمية الظروف المناسبة لبلورة الخدمات وصناعات المعرفة والذكاء الصناعي والمعلوميات والصناعات الخضراء والمعادن والبحوث العلمية المرتبطة بالواحات، من قبيل المركب الجامعي متعدد التخصصات للتكوين والبحث العلمي في المجالات الواحية والجافة، ومركز للغات الدولية، ومراكز متخصصة للهندسة في المعلوميات والطاقات النظيفة.

كما دعا المصدر عينه إلى إنشاء مركبات تربوية إيكولوجية عوض الأقسام والوحدات الدراسية المشتتة والمدارس الجماعاتية، إلى جانب تشييد مركبات تدمج التعليم الأولي مع مراكز محاربة الأمية والعمل التعاوني النسوي، وكذلك حوكمة السياسة الصحية، عبر خلق مركب استشفائي متكامل، وتسهيل الولوج إليه بسيارات إسعاف مجهزة من كل مناطق الإقليم، مع توفره أيضا على حوامة دائمة للطوارئ، وإحداث مستشفى عسكري دائم بالإقليم، ومستشفى جامعي جهوي.

وتعليقا على ذلك، قال كريم إسكلا، أحد المشرفين على إعداد المذكرة، إن “من أبرز المقترحات النوعية التي خلصت إليها مذكرة تينغير، مقترح إحداث برلمانات جهوية، وإقرار الديمقراطية التعاقدية، وتوسيع دائرة التشريع الجهوي والمحلي، وذلك باعتماد مجالس إدارية منتخبة لتدبير الشأن المحلي والإقليمي والجهوي”.

وأضاف إسكلا، في حديث مع هسبريس، أن المذكرة طالبت كذلك بـ”خلق تعاقد مجتمعي تعبأ فيه كل قوى المجتمع، للتشاور والمشاركة الفعلية والانخراط الإيجابي لجميع المعنيين الفاعلين، من أجل بناء الدولة-الوطن، في إطار التعبئة الجماعية والمسؤولية المجتمعية للتنظيمات”.

hespress.com