رغم ما تتطلبه رعاية المسنّين والأشخاص بدون مأوى، الذين تعمل الجمعيات العاملة في هذا المجال، بتعاون مع السلطات، على إيوائهم، من أجل حمايتهم من خطر الإصابة بفيروس “كورونا”، من صبر وتحمّل، فإن عددا من الفاعلين الجمعويين يقومون بهذا العمل بشغف وحب كبير، محتسبين عملهم خدمة لبلدهم وللمواطنين.

في مدينة سيدي علال البحراوي، الواقعة على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا من العاصمة الرباط، تبذل السعدية الصنبية السباعي، رفقة المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون معها في الجمعية الخيرية الإسلامية، جهودهم من أجل توفير الحماية لعشرات الأشخاص بدون مأوى والمسنين، من الوباء العالمي، رغم قلّة الإمكانيات.

تقول السعدية الصنبية، وهي تتحدث عن عملها كساهرة على توفير الطعام للمسنّين والأشخاص بدون مأوى، الموزعين بين “كاراجات” تابعة لوزارة الثقافة، وبين بيت تم استئجاره على عجل، بعد انتشار فيروس “كورونا”، إن المستفيدين من عملية الإيواء، وعددهم حوالي ثمانون شخصا، تقدم لهم ثلاث وجبات يوميا، وأضافت مازحة: “يوميا عندي عرس”.

وعلاوة على الإيواء والإطعام، يستفيد الأشخاص المسنون والذين بدون مأوى، الذين ترعاهم الجمعية الخيرية الإسلامية في سيدي علال البحراوي، من الرعاية الطبية، إذ يزورهم طبيب يعمل في القطاع العام كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وتزورهم الممرضة بشكل يومي، لإخضاعهم للمتابعة الطبية، خاصة أن عددا منهم يعانون من أمراض متنوعة.

تؤدي سهام المليح، الممرضة الساهرة على تتبع الحالة الصحية للمسنين، عملها بمنتهى الحيوية، ولا تكتفي فقط بمراقبتهم الصحية، بل تسهر، أيضا، على مرافقتهم إلى المستشفى إذا اقتضت الضرورة خضوعهم للعلاج، مضيفة، في تصريح لهسبريس، أن منهم من يعاني من أمراض متعددة، ما يجعلهم بحاجة إلى رعاية طبية مكثفة.

ورغم أن حالة الطوارئ الصحية تفرض على المواطنين البقاء في منازلهم، وألا يغادروها إلا للضرورة القصوى، فإن المسنين الذين تتكفل بهم الجمعية الخيرية الإسلامية بسيدي علال البحراوي يضطرون إلى مغادرة “الكاراجات” التي تم إيواؤهم فيها، بسبب عدم قدرتهم على البقاء فيها طيلة النهار بسبب ضيقها، وعدم توفر بعضها حتى على النوافذ.

تقول السعدية الصنبية: “لا أستطيع أن أمنعهم من الخروج، لأن المرائب التي نؤويهم فيها لا تتوفر حتى على النوافذ، ولا يمكن أن نسجنهم فيها طيلة اليوم”، ممنّية النفس بأن يتم فتح مركز لإيواء الأشخاص المسنين بنتْه مؤسسة محمد الخامس للتضامن وانتهت به الأشغال قبل سنة، ويتوفر على جميع التجهيزات والمرافق، وتصل طاقته الاستيعابية إلى خمسين سريرا، لكنه لم يفتح بعد.

وبخصوص الأشخاص الذين بدون مأوى، فقد تم إيواؤهم في بيت اكتري خصيصا لذلك؛ وقالت السعدية الصنبية إن عملية إيوائهم تمت بتعاون مع السلطات، والمجلس البلدي ومؤسسة التعاون الوطني، إذ كان باشا المدينة يشرف شخصيا على إجلائهم من الشارع، ويسهر على اقتناء الطعام لهم؛ وقد لجأت الجمعية إلى وضعهم في بيت، ووضعت ستة آخرين منهم في مكان آخر، لأنهم يعانون من اضطرابات عقلية، تجنبا لأن يعتدوا على الآخرين.

وتئن المرائب والبيوت التي تؤوي المسنين والأشخاص بدون مأوى في سيدي علال البحراوي باثنتين وخمسين قصة إنسانية مؤلمة، فمنهم عابرو سبيل تقطعت بهم السبل في المدينة ولم يستطيعوا مغادرتها بعد فرض حالة الطوارئ الصحية، ووجدوا أنفسهم في الشارع يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ومنهم من يعاني من أمراض نفسية تعايش معها لسنوات، ومنهم من يعاني من اختلال عقلي.

[embedded content]

hespress.com