الثلاثاء 08 دجنبر 2020 – 10:24
مستحضرًا وازعه الأخلاقي وضميره الإنساني، يواصل المرشد السياحي عبد الرحيم أكيوض انتشال أبناء الرحل من براثن الأمية والجهل، عبر بناء حجرة دراسية جديدة في منطقة تنفكان بإقليم تنغير، ليحارب تلاميذ هذه الفئة عبرها الأمية ويسلكوا درب العلم والمعرفة، بعدما بنى، السنة المنصرمة، الحجرة الأولى له في منطقة تغزوت في الإقليم ذاته، بتنسيق مع المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية في تنغير.
أكيوض، الذي فاز سنة 2018 بجائزة ثالث أحسن مرشد سياحي في العالم، يقضّ مضجعه أن يرى أطفالا في عمر الزهور دون تمدرس، والسنين تنفلت من بين أيديهم دون فائدة تربوية نتيجة عوامل عديدة، لعل أبرزها فقر أسرهم وبعدهم عن المجال الحضري.
المرشد السياحي عبد الرحيم أكيوض قال، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن بناء حجرة في الجبال ليس بالأمر الهين، إذ “كنت أعتمد لنقل مواد وسلع البناء على الدواب، قصد إيصالها إلى الموضع المتفق على تشييد الحجرة به، وهذا ما استدعى أسابيع من العمل الجاد بإمكانياتي الذاتية وبعض التبرعات التي توصلت بها؛ كل هذا من أجل تشجيع أبناء الرحل، البالغ عددهم إلى حدود الساعة 32 طفلا، على التمدرس”.
وأضاف عبد الرحيم أكيوض في التصريح ذاته: “بمجرد الانتهاء من البناء، نظمتُ حفلة صغيرة بحضور الأطفال الذين بدت على محياهم مظاهر البهجة والسرور؛ فشعرت، حينها، بحبهم لي ولكل ما أبذله من جهود من أجل إدماجهم في الحياة المدرسية”.
المتحدث نفسه أوضح أنه لم يكتفِ بالحجرة فقط، بل بنى، أيضا، مسكنا وظيفيا بمحاذاة المدرسة خاصا بالأستاذ الذي سيُعنى بمهمة تدريس هؤلاء البراعم، مشيرا إلى أن “الحجرة استقبلت قبل أيام الأطفال المذكورين في إطار التربية غير النظامية، على أساس أن يلتحق بها التلاميذ بشكل رسمي ابتداء من الموسم الدراسي المقبل، إذ سيستفيدون من منحة “تيسير” وسيلتحق مدرس رسمي ليباشر مهمته النبيلة”.
وعن دور المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بتنغير، أكد أكيوض أن “السيد زايد بن يدير، القائم على رأس تدبير هذه المديرية، رحب بالفكرة بقدر الترحيب عينه الذي لاقته الفكرة السنة منصرمة”، مقرا بأن “المديرية ساهمت بالطاولات وبعض الأدوات لتيسير مهمة تمدرس أبناء الرحل، الذين باتوا متحمسين لانخراطهم في المنظومة التربوية”.
وزاد المرشد السياحي: “الغرض من كل هذا هو تشجيع المجتمع المدني على التحرك والإنفاق في مشاريع إنسانية؛ كبناء مدرسة على سبيل المثال لا الحصر”، داعيا الميسورين في جميع مناطق المغرب إلى “عدم الاكتفاء بالمشاريع الخاصة ونسيان أبناء المغرب العميق، الذين تتفاقم معاناتهم ويحتاجون يد العون والمساعدة، لانتشالهم من براثن الفقر والأمية على حد سواء؛ ومثل هذه الأعمال الإنسانية خير دليل على المواطنة الحقة والحب السرمدي للوطن، الذي نتمنى له مزيدا من الازدهار والتقدم في سكة التنمية”.
وخلص أكيوض إلى أن “التعليم هو المسلك الوحيد والأوحد للتقدم؛ فلولا المدرسة لما زلنا نعيش في القروسطية. وبالتالي، على الدولة والمجتمع المدني وكل غيور على وطنه أن يساهم، قدر المستطاع، بغية المضي قدما في طريق التعليم لبناء أجيال المستقبل”، خاتما تصريح بالقول إن حلمه هو بناء 10 مدارس على الأقل، لتقريب المعارف والعلوم من أبناء العائلات المعوزة الكائنة في الجبال والكهوف، المقاوِمة لعوادي الزمن وقساوة الجغرافية ووعورة التضاريس.