حذر المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، التابع لوزارة الصحة، من خطر استعمال نبتة “المخينزا” في الطب التقليدي، بعدما رصدت إصابات خطيرة بسببها لدى عدد من الأطفال في المغرب.
وذكر المركز، ضمن مجلته الفصلية “Toxicologie” عدد 46، أن هذه النبتة المعروفة باسمها العلمي “Chenopodium ambrosioides L” تستعمل في المغرب بشكل أساسي للأطفال كمضاد للحرارة والتشنج.
ورصد المركز حالتين من التسمم الخطير نتجا عن الاستخدام العلاجي لنبتة “المخينزا” لدى رضيعين دخلا قسم المستعجلات الخاصة بالأطفال في المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، وكانت النتيجة تحسن وضعية رضيع ووفاة الآخر.
يتعلق الأمر برضيع يبلغ من العمر 16 شهرا تم إدخاله إلى غرفة المستعجلات بعد فقدان الوعي عقب بضع ساعات من إعطائه كمية غير معروفة من نبتة “المخينزا” من طرف والدته بهدف علاج التهاب المعدة والأمعاء، وكان معدل ضربات قلبه في حدود 140 نبضة في الدقيقة ودرجة حرارة 36. وبعد تدخل الأطباء، تحسنت وضعيته في أقل من 12 ساعة.
أما الحالة الثانية فهي لرضيع يبلغ من العمر 7 أشهر تم إدخاله إلى غرفة المستعجلات بالمستشفى نفسه فاقداً للوعي وبدرجة حرارة تصل إلى 40، بعدما تناول كمية غير محددة من نبتة “المخينزا” بهدف علاج الحمى، وبعد ساعة من ذلك أصيب بالإسهال.
حالة الطفل الرضيع ازدادت سوءا بعد ثلاث ساعات من دخوله المستشفى، حيث أصيب ببطء في دقات القلب بمعدل 43 نبضة فقط في الدقيقة. وبعد إجراء الفحوصات البيولوجية والإشعاعية، استبعد أي سبب عضوي آخر لهذه الاضطرابات العصبية. ورغم تدخل الأطباء، إلا أن الرضيع أصيب بسكتة قلبية بعد 18 ساعة من دخوله المستشفى ولم تنفع معه تدابير الإنعاش.
جدير بالذكر أن نبتة “المخينزا” تمت زراعتها في البداية في الحدائق المحيطة بمدينة مراكش، لكنها اليوم توجد في كل مكان في البلاد، حيث تنمو في الأراضي القاحلة وعلى حواف الطرق والأماكن المهجورة.
وتستخدم هذه النبتة بأكملها في الطب التقليدي عن طريق أكلها أو عصرها أملاً في علاج أمراض الجهاز الهضمي و”التيفويد” و”الدوسنتاريا” لدى الأطفال والكبار، إضافة إلى القروح والجروح، كما تستخدم لخفض درجات الحرارة.
وأكد المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية أن استخدام هذه النبتة كعلاج يمكن أن ينتج عنه عدد من حالات التسمم، التي من المحتمل أن تكون مرتبطة بجرعة زائدة، خاصة أن الجرعة السامة قريبة جداً من الجرعة المفترض أن تكون فعالة.
وذكر المركز أن عدداً من العناصر الأخرى مثل التخزين غير السليم والتلوث بالسموم الفطرية أو المعادن الثقيلة ومبيدات الأعشاب، يمكن أن تكون مسؤولة عن هذه السمية.
وبحسب المعطيات الواردة ضمن المجلة، فإن المادة النشطة موجودة في النبتة بأكملها، في الأوراق والأزهار والثمار، بحيث تحتوي بشكل أساسي على 60 إلى 80 في المائة من المركب العضوي أسكاريدول (Ascaridol)، ومن 20 إلى 30 في المائة كربيدات التربين (carbures terpéniques)، إضافة إلى حمض البوتيريك (acide butyrique) وساليسيلات الميثيل (salicylate de méthyle).
وخلص المركز إلى أنه على الرغم من الاستخدام القديم والواسع لهذه النبتة، إلا أنها ما تزال مصدرا للتسمم الخطير والوفاة، خاصة في جهة فاس مكناس حيث يلاحظ اللجوء بشكل مفرط إلى التداوي بالأعشاب بين السكان.
وأشار المركز إلى أن حالات التسمم العصبي المتكررة يجب أن تدفع مهنيي الصحة إلى استحضار التسمم بسبب نبتة “المخينزا” عند ملاحظة علامات عصبية غير مبررة. ومن أجل مكافحة هذا النوع من التسمم، دعا المركز إلى تحذير الآباء والأمهات.