يرى الإعلامي بلال مرميد أن ما يقدم بالقنوات الوطنية، رغم كل مساوئها، يتجاوز بسنوات ضوئية ما يقدم بالتلفزيون الجزائري.
ويلفت الصحافي بقناة ميدي1 الانتباه إلى أن مشاهدة بضع دقائق من تلفزيون الجيران، “تكفي كي تكتشف بأنهم أناس متجاوزون ولا يعلمون أي شيء عن أحوال بلدهم”.
ويضيف بلال أنه في مجال الصورة “التائه يبحث دوما عن اختلاق الكذبة والترويج لها”، مضيفا بالقول “ساعة من مشاهدة جعلتني أتساءل مثل كل جزائري عن السبب الذي يجعلهم يفترون ويكذبون ويقترفون جرما كبيرا في حق عيون المشاهد الجزائري، ويتناسون كل حديث عن وضع رئيسهم ومصيره”.
وهذا نص المقال:
لك الله أيها المواطن الجزائري..
هناك التلفزيون المتخلف وهناك التلفزيون الغبي والمتخلف، والتلفزيون الرسمي الجزائري يجمع الصفتين ويتقنهما. يختلق حربا وهمية، بسيناريو بليد وممثلون يمثلون ومخرج مغيب.. تلفزيون رسمي جزائري يستعرض وهنه، ويفضح وهن من جعلوه أضحوكة أمام الجزائريين الذين أرهقتهم حماقات المسؤولين على وسائل إعلامهم.
يوم السبت المنصرم، اتصال من زميل جزائري ودعوة لمشاهدة التلفزيون الرسمي لبلاده. هي بحسبه فرصة لا تعوض لكي أضحك على تمثيلية تعرض، وفعلا شاهدت أعمالا إخبارية درامية بنفس فكاهي تبث على شاشة الجيران.
لن أتحدث عن الحلة التي يبيعون بها أعمالهم الدرامية الفكاهية في قالب شبه إخباري، ولا عن إلباس القناة الغريب، ولا عن التوضيب البدائي. لن أتطرق لكيفية اشتغالهم على الخبر الزائف، ولا الجنيريك المستعمل في النشرات الإخبارية أو ما يقترب من تسمية البرامج. لن تكفيني أركان الموسم بأكملها لأعبر عن استغرابي من العصر الذي يعيشه الجيران تلفزيا، ومرارا تفاديت أن أسلط الضوء على ظلام يلف إعلامهم. بهدف مهاجمة المغرب، اختلق تلفزيون الجيران قصفا مزعوما على مدنيين صحراويين. رغم كل مساوئ قنواتنا، يمكن أن أجزم وبدون تردد بأن ما يقدم عندنا يتجاوز الأشقاء بسنوات ضوئية.
تشاهد بعضا من دقائق تلفزيونهم، وتكتشف بأنهم أناس متجاوزون ولا يعلمون أي شيء عن أحوال بلدهم. في مجال الصورة، التائه يبحث دوما عن اختلاق الكذبة، والترويج لها. تشاهد تركيزهم على المغرب في تلفزيونهم الرسمي، وتتابع أفلاما إخبارية تلفزية كوميدية، وهو صنف يستحق عليه جيراننا جائزة وقبلة وكثيرا من سخرية.
تفنن في إنتاج الأخبار الزائفة، وحديث عن عدو وهمي بمشاركة محللين لا يتقنون أي لغة، وكل هذا في مقابل تغييب لكل الأخبار التي تهم أشقاءنا في الجزائر. ساعة من مشاهدة جعلتني أتساءل مثل كل جزائري عن السبب الذي يجعلهم يفترون ويكذبون ويقترفون جرما كبيرا في حق عيون المشاهد الجزائري، ويتناسون كل حديث عن وضع رئيسهم ومصيره.
حين تتجاوزك الأحداث ويزعجك التأييد الدولي المتواصل لجارك، تنسى مشاكلك الداخلية المتناسلة وتحاول تصديرها بأغبى الطرق الممكنة. تحت وقع الصدمة، تسعى لاختلاق كومة كذب، وتسرع الخطى لبثها بطرق بالية. يكلفون التلفزيون الرسمي الجزائري بنشر الإشاعة، ليجد المشاهد نفسه أمام سكيتشات هزلية.
تلفزيون الجيران الرسمي يحاول منذ مدة أن يتألق في مجال الترفيه، ونهاية الأسبوع المنقضي عبر لمرحلة متقدمة من التيه. منذ أن أمن المغرب بشكل كامل المعبر الحدودي في منطقة الكركرات بالصحراء المغربية، وما رافقه من ترحيب دولي، صرنا نتابع بشكل هستيري عبور كثير من كتاب السيناريو الفاشلين في التلفزيون الرسمي الجزائري نحو الكتابة المتسرعة عن حروب وهمية.
تم الشروع في تقديم مراسلين متلعثمين، يتعثرون وسط نيران تطلق على اللغة العربية، ويقصفون بعضهم البعض بالأخطاء التي تزاحم بعضها في جمل مرتبكة. أحداث بلا دلالة بحسب تعبير مخرجنا مصطفى الدرقاوي، والنتيجة أعمال إخبارية درامية تدل على أن التلفزيون هناك لديه مخرج ضعيف، وسيناريست أضعف، وممثلون يحرجون أمام المشاهد. يدفعون لسرد الأكاذيب التي لا يمكن أن يقبلها لا الأبله ولا العاقل. يضربون دروس فلليني وأداء أنطوني كوين عرض الحائط، ولا يخصصون ولو وقتا قليلا للتدرب على إتقان تصوير حرب وهمية تصنعها مخيلات نتنة.
المواطن الجزائري البسيط الذي يبحث عن أخبار بلده، يستحق تلفزيونا رسميا يتكلف على الأقل بنقل الأخبار الرسمية لبلده. يستحق تلفزيونا رسميا لا يتفنن فقط في إنتاج الأفلام التلفزية الزائفة ذات الطابع الكوميدي، ويحتاج برامج يعبر منها أناس يكونون جملا سليمة، ولا يختلقون معارك وهمية مع عدو وهمي. طرق السبعينات دفنت في السبعينات، وإنتاج الأعمال الدرامية يحتاج حدا أدنى من ذكاء لا يتوفر للقائمين على تلفزيونهم الرسمي.
شاهدت التلفزيون الرسمي للجيران لساعة واحدة مساء السبت، وأصبت بنوبات ضحك لا تنتهي. مثل كل مهرج بليد، يضطرك لأن تضحك على بلادته معتقدا بأنه يضحكك بوضعيات كوميدية مخزية. أول مهرج يعود ذكره إلى حوالي ألفين وخمسمائة سنة قبل الميلاد في حفل تهريج أقيم في البلاط الفرعوني، وبدون ارتياب هذا المهرج كان أذكى من جماعة المهرجين الذين يتم حشدهم في التلفزيون الرسمي الجزائري لمهاجمة المغرب.
تلفزيون رسمي يجعلك كمشاهد تعجز عن تحليل ما يعرض من أخبار مفبركة، لأن كل إنسان عاقل لا يمكن أن تنطلي عليه حيل بالية، يؤديها جماعة من بهلوانات يخفي الماكياج الفاقع إحباطاتهم التي لا تنتهي. لك الله يا جزائر، إعلامك الكاذب صار يبكي حتى المهرجين المشتغلين في تلفزيونه الرسمي.
سامحك الله زميلي الجزائري، لأنك جعلتني ألوث عيني بما تفنن تلفزيونكم الرسمي بارتكابه في حق نفسه وفي حق الخلق. شاهدت مقدمة تعلن الحرب على اللغة العربية، ومراسلا وهميا يحكي عن حرب وهمية ويعتدي على كل قواعد اللغة، ويقول الشيء ونقيضه في نفس العبارة.
التلفزيون الرسمي الجزائري مدعو لتعليم موظفيه اللغة العربية، ووقتها سيكون لكل حادث حديث.
آخر الكلام.. لك الله أيها المواطن الجزائري، فأنت تستحق فعلا التضامن.