ابن أحمد، أو بلاد العلوة أو عاصمة قبائل امزاب، منطقة تنقسم إلى دائرتين ترابيتين، تحتضن 17 جماعة ترابية، وتقع على بعد 50 كيلومترا شرق مدينة سطات في اتجاه مدينة خريبكة؛ يبلغ عدد سكانها 173274 نسمة، منهم 33088 بالبلدية حسب الإحصاء العام لسنة 2014، ويعتمدون على الفلاحة والتجارة وتربية المواشي، وعائدات الهجرة، كما تحيط بها عدة أضرحة وزوايا لـ”أولياء العلوة”، كسيدي حجاج وسيدي امحمد البهلول والزاوية التاغية…
تتوفر مدينة ابن أحمد على مرافق عمومية عدة، منها مستشفى الأمراض الصدرية أو “سبيطار الرية” كما يحلو للعامة تسميته، الذي أغلق أبوابه منذ عقود من الزمن، في حين تحول المرفق الصحي الخاص بالأمراض الصدرية للنساء إلى مستشفى متعدد الاختصاصات سنة 1993، ومنه إلى مستشفى للقرب.
خصاص في الأطر
حسب معلومات حصلت عليها هسبريس من مصادر مسؤولة، فضلت عدم كشف هويتها، فإن مستشفى القرب بابن أحمد يعود تاريخه إلى سنة 1945، بعدما كان خاصا باستشفاء النساء من الأمراض الصدرية، إلى أن أصبح اليوم يضم اختصاصات وأقساما عدة، مثل قسم المستعجلات، والأشعة، والتحليلات، والترويض، والطب العام، وطب النساء، والأطفال، والجراحة العامة، والأمراض الصدرية، وقسم الولادة، في حين يغيب قسم الإنعاش وهو ما يهدد حياة الكثير من المرضى.
وأضافت المصادر ذاتها أن مستشفى القرب بمدينة ابن أحمد يقدم خدماته لعدد كبير من السكان المنحدرين من الدائرتين الشمالية والجنوبية، وهي خدمات تصطدم بالخصاص في الموارد البشرية، الذي يعرفه المرفق الصحي في تخصصات عدة كطب النساء والجراحة والولادة؛ وهو ما يؤدي إلى توجيه المرضى إلى المركز الاستشفائي الإقليمي الحسن الثاني بسطات أو مستشفيات الدار البيضاء.
خدمات وصراعات
يعيش مستشفى القرب بعاصمة امزاب على وقع الاحتجاجات التي بلغت 15 وقفة للأطر العاملة به، بدعم من نقابتي الجامعتين الوطنيتين للصحة المنضويتين تحت لواء كل من الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل، للمطالبة بإعفاء مديرة المرفق من المسؤولية، رافعين شعار “ديكاج” في حقها، مع سحب ترشيحها لمنصب الإدارة وإرجاع الأمور إلى نصابها.
محمد معروفي، عن المكتب المحلي للجامعة الوطنية للصحة التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وهي إحدى النقابات المتبنية لملف أطر مستشفى ابن أحمد في تنسيق مع الاتحاد المغربي للشغل، قال في تصريح لهسبريس إن “علاقة المديرة بالأطر الصحية جد كارثية، نظرا لأسلوبها في التعامل، الذي يتسم بالقمع والسب والشتم والتهديد والتحريض”، وفق تعبيره، مضيفا: “تدخلت الضابطة القضائية وسجلت محضرا في إحدى النوازل، فضلا عن شكايات كيدية في حق أحد الأطباء”، ومطالبا بفتح تحقيق من قبل وزارة الصحة في كيفية تعيين المعنية مديرة بالنيابة.
وأضاف المعروفي أن التواصل منقطع بين الإدارة وعدد من الأطر العاملة بمستشفى ابن أحمد، وهو ما يستحيل معه استفادتها من تعيين رسمي في المنصب الشاغر، مشددا على رفض جميع الموظفين للأمر، ومهددا بالعودة إلى الاحتجاجات بشكل يومي في خطوة تصعيدية مستقبلا، وهو ما يضع المواطن في خطر.
للمندوبية رأي
هذا الموضوع متداخل الأطراف جعل هسبريس تنتقل إلى مستشفى القرب بمدينة ابن أحمد نواحي سطات، لأخذ رأي المديرة الدكتورة خديجة الزدواني، إلا أننا لم نجدها بمكتبها، لأسباب نجهلها، وهو ما دفعنا إلى الانتقال إلى المندوبية الإقليمية لأخذ رأي المسؤول الإقليمي للصحة بعاصمة الشاوية.
محمد أيت الخضر، المندوب الإقليمي للصحة بسطات، أوضح في تصريح لهسبريس أن المديرة عينت بالنيابة نظرا لشغور المنصب على مستوى مستشفى ابن أحمد، في انتظار تعيين مدير قار، يتمتع بجميع الصلاحيات، لتسيير المرفق الصحي.
وحول الصراع الواقع بين المديرة والفعاليات النقابية، قال أيت الخضر: “هو إشكال مترتب عن طريقة تسيير المستشفى”، وأوضح أن هناك ملفات موروثة من الفترة السابقة، كما احتمل وجود إشكال يتمثل في عدم الاتفاق على بعض النقط، فضلا عن الخصاص في بعض المراكز، نظرا لظهور جائحة “كورونا”، التي اضطرت معها المندوبية إلى الاستعانة ببعض الأطر الطبية من مستشفى القرب بمدينة ابن أحمد، وهو ما خلف نقاشا بين المديرة والنقابات بشأن معايير تنقيل بعض الأطر للاستعانة بها مؤقتا، رغم أن القرار يدخل في صلاحيات المندوبية.
وأشار المندوب الإقليمي إلى أنه “على مستوى التسيير توجد ملفات تعود إلى وقت سابق، مثل ملف التغذية الذي كان يدبر بطريقة عشوائية، جرى تغييرها، وهذا من الأسباب التي فجرت الصراع بين الطرفين”، نافيا تحميل المسؤولية لكل من المديرة أو النقابات، ومقرا بوجود اختلافات في الآراء، تصادفت مع جائحة “كورونا”.
وختم المتحدث كلامه بأن المندوبية بعثت لجنة للبحث في التظلمات التي تلقتها، مشيرا إلى أن الأمور بين يدي وزارة الصحة للحسم فيها، في حين يبقى البت في المحاضر القضائية من اختصاص النيابة العامة.