الخميس 3 يونيو 2021 – 18:19
أسدل الستار على المسرحية الارتجالية التي شارك فيها الثنائي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والفريق سعيد شنقريحة. هذه المسرحية التي جرت أطوارها بين الجزائر وإسبانيا اختتمت بمشهد رديء يظهر فيه بطل المسرحية (الكومبارس) إبراهيم غالي ممدا على سرير في مستشفى جزائري، وهو يردد كلمة مرحبا عدة مرات، بعد إشارة المخرج، الذي اختار الزاوية الضيقة من غرفة الاستشفاء، لتصوير مشهد دخول حشد من العسكريين خلف الرئيس الجزائري، ما يعطي للزيارة طابعا عسكريا.
يقول غالي موجها كلامه للرئيس: “مرحبا واش راكم”، فيرد عليه الرئيس “الحمد لله”، ثم يتواصل الحوار بلقطات معدة سلفا، حيث يصر عبد المجيد تبون على إلقاء “شبه خطاب” على رأس المريض. ولأن الكاذب يصدق كذبته في غالب الأحيان فقد قال الرئيس الجزائري: “إن ما أعجبني وما أعجب الفريق (سعيد شنقريحة) هو امتثالك للعدالة الإسبانية…”؛ وهنا يظهر التناقض بين الأقوال والأفعال، فزعيم جمهورية الوهم لم يكن ليمثل أمام القضاء الإسباني لولا الضغط المغربي، كما أن المشهد يؤكد تورط الرئاسة الجزائرية في “التهريب السري” لغالي، من الجزائر نحو إسبانيا، أولا، ومن إسبانيا نحو الجزائر مرة ثانية.
كلام الرئيس مردود عليه، ففضلا عن أنه لم يكن يتحدث إلا بما أملي عليه من الفريق سعيد شنقريحة، فهو يحاول تضليل العالم بهذا المشهد، لتظهر الأمور وكأنها عادية، بينما الأمر يتعلق بفضيحة تزوير وثائق وأختام، والتحايل على العدالة. وما توجيه الشكر إلى “الإسبان” إلا دليل على التنسيق المسبق، فكل من إسبانيا والجزائر أخفيا موضوع استقدام إبراهيم غالي في رحلة علاج، لولا أن المغرب أقام الدنيا ولم يقعدها، لتتوالى مشاهد هذه المسرحية، التي تحاول خداع الجمهور بادعاء معطيات غير حقيقية.
ماذا يمكن أن نفهم من إذاعة مشهد استقبال غالي في الجزائر، بطريقة فجة، غير التورط المباشر للبلد في قضية الصحراء، نتيجة الحقد الأعمى.. فالجزائريون كانوا ينتظرون الاطمئنان على صحة تبون، لكنه طلع عليهم ليطمئنهم على صحة إبراهيم غالي. وقمة العمى هي الحديث عن البوليساريو بينما الجزائريون ينتظرون أجوبة في ميادين الحراك.
محاولة تصدير الأزمة الداخلية الجزائرية إلى المغرب أسلوب قديم في نظام الحكم الجزائري، والعداء العسكري للمغرب معروف، وعقد العسكر الجزائري تجاه الجيش المغربي معروفة، ومسجلة وموثقة في المعارك التي شهدتها الصحراء.. من ثم فإن استعمال الرئيس الجزائري في تمرير خطابه للمغرب يشكل “لا حدث”، والفريق سعيد شنقريحة، الذي يعتبر المغرب بلدا عدوا، نكاية في الأخوة بين الشعبين المغربي والجزائري، لا يقوم في الحقيقة إلا بإكمال المسيرة التي بدأها سلفه أحمد قايد صالح.
“الله يسلمكم جميع ويمد في أعماركم ..أنا في أحسن الظروف”، هكذا ختم إبراهيم غالي المسرحية، وقد نسي المخرج إظهاره للعموم في البداية، لأن الغرض كان هو إظهار الفريق والرئيس، ومحاولة تغطية الشمس بغربال الجيش الجزائري، الذي تآكل مع الزمن نتيجة إطالة عمر “نزاع مفتعل” أدى ثمنه الشعب الجزائري غاليا، لم تعد تجدي نفعا؛ وأهل الصحراء يقولون: “إلى كان المتكلم افيسد ايعود المصنت عاقل”.