مستغلّا النّقاش الدائر حاليا في المغرب بشأن تقنين زراعة “الكيف” في قبائل جبالة والرّيف، يحاول عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، زيادة الضّغط على قيادة الحزب بإشهاره ورقة الاستقالة في حال المصادقة على مشروع قانون يتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي (الكيف) في المغرب، وهو ما يخلق متاعب إضافية للقيادة الحالية، التي تسعى إلى إخراج القانون المثير للجدل إلى حيّز الوجود.

ويسعى بنكيران إلى قيادة الغاضبين من توجه فريق الحزب داخل البرلمان إلى المصادقة على مشروع قانون “الكيف”، إذ يعتبر أن تقنين زراعة نبتة القنب الهندي ليس حلا، وأن “ادعاء إنهاء المتابعة القضائية في حق الناشطين في هذه الزراعة مجرد أوهام يروجها البعض”، موضحا أنه “بالرجوع إلى الدراسات فإنه ليس هناك يقين بالاستعمالات المنفعية لهذه النبتة”.

ولم يكن قرار بنكيران معارضة توجه الحكومة المصادقة على قانون الكيف “مفاجئا”، لكن تمرد الأمين العام السابق على القيادة الحزبية الحالية، ووصوله حد إشهار “ورقة الاستقالة” من الحزب بسبب هذا المشروع، يطرح عدة تساؤلات بشأن طبيعة وخلفيات تلويحه بالانسحاب من التنظيم.

ويرفض بنكيران فتح نقاش تقنين “الكيف”، مبرزا أن دعاوى تقنين زراعة القنب الهندي “دمار للأمة بكاملها وخطر لفكر انفصالي لا قدر الله”، مشددا على أن هذه الأصوات هي “شرعنة للمخدرات ودمار مبيّت لأمة بكاملها”.

وخاض القيادي الإسلامي ذاته معارك انتخابية “حامية الوطيس” ضدّ غريمه السابق في حزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري، الذي كان يدعو إلى فتح نقاش “الكيف” وإخراج قانون القنب الهندي.

وفي مهرجان انتخابي له عام 2015، تساءل بنكيران: “هل يمكن أن تنمى مناطق جبالة والريف بالكيف؟ على العكس ستتسع رقعة المخدرات وستكثر الجرائم والفوضى في المجتمع المغربي”، مبرزا أن “الكيف فيه دمار مبيت لأمة بكاملها وخطر لفكر انفصالي لا قدر الله”.

ويرى المحلل السياسي إلياس الموساوي أن “موقف الذي صدر عن رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران غير مبرر بالمطلق، وغير مبني على أي أساس علمي أو أخلاقي كما حاول أن يوصله إلى شريحته الانتخابية التي تزعزعت بعد انخراط قيادة الحزب الإسلام في التطبيع مع إسرائيل”.

وأوضح الموساوي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “مشروع تقنين زراعة نبتة ‘الكيف’ كان واضحا في التعابير والمصطلحات التي صيغ بها، فالهدف العريض منه كما هو موضح في ثنايا مواده كان في حدود زراعة هذه النبتة وفق الكميات الضرورية لتلبية حاجيات إنتاج المواد لأغراض طبية وصيدلية وصناعية، وهو ما يجعل موقف بنكيران ضعيفا جدا ولا يستحق كل هذا الجدل”.

ومن خلال هذا الرفض، يقول الموساوي، “يحاول بنكيران أن يوجه مجموعة من الرسائل إلى بيته الداخلي المهتز وخصومه الذين يرون أن حقبته انتهت إلى غير رجعة”، وزاد: “وبالنسبة إلى شركائه في الحزب وقاعدته الانتخابية فبنكيران يحاول دائما أن يظهر بمظهر الموجه الأمين، فكلما زاغ الحزب عن المسار يتدخل بنصائحه وإرشاداته لإرجاع القطار الذي انحرف عن المسار إلى سكته الصحيحة، في علاقة أشبه ما تكون بالعلاقة التي تجمع بين الشيخ والمريد، وفي ضرب صارخ للمؤسسات”.

“أما بالنسبة للرسائل التي يحاول بعثها إلى خصومه السياسيين فهي تتمحور حول المرجعية الإسلامية للحزب”، يورد الموساوي، مضيفا أنه “بعد انخراط وزرائه في مسار أجرأة التطبيع مع إسرائيل، اتهم الحزب بالتخلي عن مرجعيته ومبادئه التي دافع عنها منذ تأسيسه، وأراد أن يجعل من هذا الموضوع، الذي يراه أنه محرما شرعا، قناة لإعادة رسم الخطوط الحمراء”، وزاد: “الرسالة هنا واضحة: حتى وإن كان سعد الدين العثماني هو رئيس الحكومة فإن الكلمة العليا داخل الحزب مازالت من استئثاري، فكما وضعت لكم عراقيل أثناء مناقشة القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين بإمكاني أيضا عرقلة هذا القانون الذي لطالما عارضته أثناء تواجدي على رأس الحكومة”.

وقال الموساوي إنه “من الواضح أن هذا الأمر له علاقة وطيدة بالاستحقاقات الانتخابية، فالرجل أراد أن يقدم نفسه على أنه هو الشخص المثالي القادر على قيادة سفينة الحزب والحكومة في الولاية المقبلة، وأن الحزب لم ينسلخ عن مبادئه ومرجعيته؛ وهي رسالة موجهة أكثر إلى المشككين في قاعدة الحزب الانتخابية، خصوصا بعد موجة الاستقالات التي عرفها التنظيم الإسلامي في الأشهر الأخيرة بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل”.

hespress.com