الأربعاء 14 أبريل 2021 – 22:53
مرت أزيد من 10 سنوات على الجريمة البشعة التي راح ضحيتها شبان مغاربة، كانوا يقومون بواجبهم، في حماية التراب الوطني. ولن ينسى أي مغربي حر، أو أي مواطن حتى لو كان أجنبيا، صورة المرتزقة وهم ينكلون بجثث شباب شرفاء، كانوا يقومون بواجبهم الوطني في زيهم العسكري، تم تجميعهم على شكل كومة من الجثث، وسط مسرح أحداث إكديم إزيك، حيث تحولت الاحتجاجات الاجتماعية إلى مطية لمحاولة تحقيق أغراض انفصالية، لولا أن الحزم المغربي كان بالمرصاد.
طويت الصفحة بتفكيك مخيم إكديم إزيك، باستخدام القوة العمومية، بعد توفير سيارات الإسعاف، وحافلات لترحيل المحتجين السلميين، وما رافقها من لوجستيك، لكن التاريخ سجل فصلا مريعا في تفكيك المخيم المذكور، راح ضحيته 11 عنصرا من القوات العمومية، سقطوا شهداء للواجب؛ فيما أصيب 70 آخرون بجروح متفاوتة الخطورة، وتناقلت القنوات العالمية صورا بشعة لمجرمين من عالم آخر، واحد منهم كان يذبح عنصرا من قوات الأمن على طريقة “داعش”، وآخر كان يقضي حاجته فوق الجثث الطاهرة للشهداء.
ولأن الجريمة ارتكبت في حق العسكر، والمتهمون تم اعتقالهم بالمكان، فقد كان من الطبيعي أن تدور أطوار المحاكمة داخل المحكمة العسكرية المغربية، هذه المحكمة العريقة، التي تتوفر على خيرة القضاة، الذين يمنعهم واجب التحفظ من استعراض عضلاتهم التشريعية في وسائل الإعلام، وأدهشوا “مراسلي” وسائل الإعلام الأجنبية والمنظمات الدولية بقدرة هذه المحكمة إبان المحاكمات على الانفتاح على وسائل الإعلام. ولكن الجميع فضل الحديث عن ذلك في الصالونات، لأن المهمة في هذه الحالة تكون هي “كتابة التقارير المسيئة”.
منظمة مراسلون بلا حدود، وأمثالها كثير، واحدة من المنظمات التي تفضل الاشتغال على النصف الفارغ من الكأس، وهذا تخصص مثل هذه المنظمات، التي لم تستوعب بعد أن للمغرب تجربته الفريدة في العدالة الانتقالية، كتبت مؤخرا تقريرا دعت فيه الحكومة المغربية إلى إطلاق سراح واحد من المتهمين بقتل 11 عنصرا من قوات الأمن المغربية، وأكثر من ذلك فقد وصفته بـ”الأسير المدني الذي يواجه خطر الموت جراء إضرابه عن الطعام”. ولنفترض أن كل المجرمين دخلوا في إضراب عن الطعام، هل معنى ذلك أن الدولة مطالبة بإطلاق سراحهم؟ وما قيمة القضاء إذا كانت ستملى عليه القرارات من غرف “الخيانة الناعمة في الخارج”؟.
المراسلون تحولوا إلى مشككين، وهذا يفقدهم حيادهم، بل يفقدهم حتى مهنيتهم، ومغرب اليوم ليس هو المغرب المغلق، كما يتصوره من ينهلون من محبرة سنوات الرصاص. وإذا كان المراسلون بلا حدود صادقين مع أنفسهم يمكنهم الاطلاع بكل حرية على الملفات والتهم، من خلال المؤسسات المكلفة بذلك..كيف يمكن لسجين يعاني التعذيب أن يواصل دراسته الجامعية داخل السجن؟ وكيف يمكن لمضرب عن الطعام أن يقول إن إدارة السجن ترغمه على الأكل وهو نفسه الذي حظي بزيارة الطبيب، وأعضاء من المجلس الوطني لحقوق الإنسان؟.
إن ما يطلبه “المشككون بلا حدود” هو تعطيل سيف العدالة، لتقسيم المغرب على هواهم، حسب أجندتهم الخاصة، إذ لا يوجد قانون أو شبه قانون يمكنه حماية القتلة المتورطين في سفك الدماء. إن الحرص على تطبيق العقوبة هو القانون في هذه الحالة، وليس العكس. وعاش الوطن ولا عاش من خانه.