يسودُ تخوّف وسط المغاربة من إقدام الإدارة الأمريكية الجديدة على مراجعة القرار المتّخذ أخيرا من طرف الرّئيس دونالد ترامب، القاضي باعتراف واشنطن بالسّيادة المغربية على الصّحراء؛ وهو تخوّف “مشروع”، بالنّظر إلى “مزاجية” صانعي القرار في بلاد “الأمريكان”، بعد مراجعة اتفاقيات المناخ الموقّعة بباريس والنّووي الإيراني.

وفي لحظة “مؤثّرة” موسومة بترّقب فرز قوى سياسية جديدة في الولايات المتّحدة، أقرّ الرّئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب بمغربيّة الصّحراء وسيادة المملكة على الأقاليم الجنوبية؛ وهو قرارٌ رحّبت به الرّباط، بينما يؤكّد محلّلون أنّ “عملاً شاقّا ينتظر الدّبلوماسية المغربية لتحصين هذا الانتصار”.

وحول مآلات القرار الأمريكي حول الصحراء المغربية بعد الرئيس دونالد ترامب وحلول الإدارات المقبلة، يرى الخبير في القانون الدّولي الشرقاوي الروداني أنّ الأمر يتعلّق بـ”دولة هي مايسترو في سمفونية العلاقات الدولية، وخاصة في مجلس الأمن وسياسة متعددة الأطراف”.

ويعتبر المحلّل ذاته أنّ “للمملكة المغربية علاقات إستراتيجية متعددة الأبعاد مع واشنطن، وبالتالي فإن من المهم أن نقرُّ باستحالة لأي رئيس أمريكي إلغاء مثل هذه المراسيم والقرارات المرتبطة بمعادلات كبيرة مرتبطة بالعلاقات الدولية والعلاقات الثنائية للولايات المتحدة لعدة اعتبارات سياسية داخلية وإستراتيجية”.

ويستعرض الخبير في القانون الدولي هذه الاعتبارات، بحيث إنّ “القرار يتسم بالبرغماتية والولايات المتحدة الأمريكية لا تتخذ قراراتها بناء على العواطف؛ فالكل مدروس ومسطر له على جميع الجوانب”، مبرزاً أنّ “الفرق بين الجمهوريين والديمقراطيين يبقى في الأسلوب وتقييم الظروف الزمكانية؛ لكن الهدف يبقى نفسه وهو مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وأمنها القومي”.

وقال الروداني الشّرقاوي بأنّه “في جل ملفات الإدارات الأمريكية تبقى الإستراتيجية محددة وغير قابلة للنقاش على اعتبار أنها كانت موضوع تقييم شامل وكامل من مؤسسات تشكل العمود الفقري للإدارات الأمريكية بينما قد تتغير وفي بعض الأحيان التكتيكات في الزمان والمكان”.

وقال الخبير في الشّأن الإستراتيجي بأنّ “المملكة المغربية تبقى محورية في الهندسة الدبلوماسية والعسكرية لواشنطن في الشرق الأوسط، المتوسط وإفريقيا. ومن ثمّ، فالقرار له أبعاد جيواستراتيجية وجيوستروأمنية”، مبرزاً أنّ “إجراء مثل هذا ستكون له انعكاسات خطيرة على المستوى السياسي الداخلي للولايات المتحدة الامريكية والذي يمكن أن يفتح صراعا كبيرا ستكون له تداعيات”.

محدّد آخر يقف عنده المصرح يتعلق بـ”مصداقية الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث ستكون على المحك على المستوى الدولي؛ ومثل هذا النوع لن تشجع على أجواء الثقة بين واشنطن وشركائها الإستراتيجيين ككوريا الجنوبية، اليابان، دول المحيط الهادئ، شرق آسيا ودول الخليج”.

وشدّد الروداني على أن سحب الاعتراف الأمريكي بالصّحراء سيكون بمثابة هدية لروسيا، وحتى الصين، والتي ستتقوى في مثل هذه الأوضاع وستشكل انتصارا لمقاربات موسكو في معادلاتها وعلاقاتها مع حلفائها التقليديين في القوقاز وأماكن الصراع مع واشنطن من تم ضربة قوية للسّيادة القرار الأمريكي”.

ولا يتحمّس المحلل ذاته للمقارنة التي يعقدها البعض بين قرار الرئيس ترامب فيما يخص اتفاقيات المناخ الموقعة في باريس ولا حتى موضوع النووي الإيراني اللذين يبقيان أحداث زمكانية محددة ومرتبطة بسياسة متعددة أطراف بأبعادها وتأثيراتها الجيواستراتيجية الدقيقة على الأمن القومي الامريكي، مع قرار مغربية الصحراء.

وقال الروداني بأنّ “المملكة المغربية لها علاقات مع مؤسسات الدولة في واشنطن والتي تطمح إلى هندسة موازين القوى في المنطقة وفي إفريقيا؛ ومن ثمّ، فإن فتح قنصلية بالداخلة يدخل في إستراتيجية شاملة للولايات المتحدة الأمريكية في الجنوب المغربي، والقارة برمتها.”

hespress.com