من الأعضاء إلى المؤسّسين والقادة التّاريخيين، تتّسع دائرة الغضب داخل حزب العدالة والتنمية بعد 8 سنوات من الحكم؛ وهي تجربة لم يخرج منها الحزب الإسلامي كما دخل، حيث يسود انقسام حاد داخل الهيئة السّياسية، كما أنّ أصواتاً ظلّت تتبنّى خيار “الصّمت” طوال فترة من الزّمن قرّرت هي الأخرى الخروج لتقويم “اعوجاجات” الحزب.

وبات ظاهراً أن حزب العدالة والتنمية يعيش فترة “حرجة” باتساع دعوات التّغيير والتجديد التي ترفعها أصوات داخل “البيجيدي”، لا سيما بعد الأحداث الأخيرة ورفض بعض المنتسبين والمتعاطفين لبعض القرارات التي ورّطت القيادة مع باقي هيئات الحزب؛ الأمر الذي دفع بعض القيادات إلى الخروج عن صمتها، لمهاجمة الخطّ الرّسمي للحزب.

عبد الكريم مطيع، أحد القيادات التّاريخية للحركة الإسلامية المغربية، أورد في رسالة له: “قبل أن يتوفاني الله تعالى، أغتنم فرصة ما بقي لي من الحياة فأعلن اعتذاري للشعب المغربي عامة عن جرائم الاعتداء عليه في سيادته ودينه وثروته وأخلاقه، مما ارتكبه ويرتكبه أعضاء في حزب العدالة والتنمية المغربي وفي غيره من التنظيمات”.

واعتبر مطيع في رسالته “هؤلاء سبق أن انتموا إلى حركتنا الإسلامية الأم، ثم انبثوا في مختلف أجهزة النظام واستمرؤوا خدمته واستطابوا خيانة دينهم وانتمائهم للوطن المغربي المسلم الحر”، موردا “كما أعلن أمام الله براءتي التامة منهم ومن تصرفاتهم في الدنيا والآخرة، ومن كل المظالم والخيانات التي ارتكبوها خدمة لمصالحهم الشخصية أو لصالح النظام بالقول أو العمل أو الإقرار السكوتى أو القولي”.

وفي السّياق، أكد سعيد لكحل، المحلل المتخصص في الحركات الإسلامية، أن “خرجة عبد الكريم مطيع هي امتداد لخرجاته السابقة التي ظل ينتقد قيادة حزب العدالة والتنمية، وخاصة عبد الإله بنكيران وممارساته المشبوهة وهو عضو بالشبيبة الإسلامية”.

وأبرز لكحل، في تصريح لهسبريس، أن “خرجة اليوم التي تبرأ فيها مطيع من إسلاميي “البيجيدي” وما ارتكبوه من “جرائم” سياسية وحقوقية في حق الشعب المغربي، وكذا اعتذاره للشعب المغربي، هي في حد ذاتها تصفية حسابات مع “البيجيدي” ليس إلا؛ فمطيع كان ينتظر كثيرا من “البيجيدي”، خصوصا لما ترأس الحكومة. ومما كان ينتظر منه التوسط له لدى الملك قصد أن يشمله العفو الملكي، مثلما فعل مع شيوخ التكفير والتطرف”.

وشدّد المتحدث ذاته على أنّ “مطيع فهم من عدم إدراج اسمه ضمن لائحة المشمولين بالعفو إقصاء له وانتقاما منه. لهذا، اتخذ موقفا من “البيجيدي” يرد به الصاع صاعين”، مبرزا أن “تصريحات مطيع وخرجاته لن تؤثر على “البيجيدي” داخليا ولن تؤجج الصراع أو الخلافات داخله، كما لن تؤثر على الرأي العام المغربي بخصوص حزب العدالة والتنمية وحظوظه في الانتخابات”.

وقال المحلل المتخصص في الحركات الإسلامية إن “ما سيحصل عليه “البيجيدي” من أصوات ومقاعد في الانتخابات المقبلة لن يتأثر بخرجات مطيع؛ بل بما جناه “البيجيدي” على الشعب المغربي من كوارث. فما يقوله مطيع ليس جديدا على المغاربة، لهذا لا تأثير له عليهم. ما يفعله مطيع وما يقدمه من اعتذار فعله قبله شيوخ التطرف في مصر والسعودية، بعد أن ضاقت بهم السبل وتقدم بهم العمر”.

وتابع لكحل: “مطيع راجع موقفه من “البيجيدي”، ولم يراجع موقفه من كل إسلاميي المغرب، كما لم يراجع العقائد الإيديولوجية التي تتأسس عليها الجماعات الإسلامية”، مبرزاً أنّ “موقفه واعتذاره صرخة في واد. فلولا قوة الدول ونجاح الأجهزة الأمنية في مواجهة التنظيمات المتطرفة (المغرب، مصر، الأردن) لما قدم شيوخ التطرف مراجعاتهم؛ فغالبيتهم قدموها من داخل السجون والبقية من المنافي”.

hespress.com