على غرار الإرباك الذي أحدثه موقفه إزاء القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين، عاد عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، ليكرر السيناريو نفسه مع مشروع القانون الإطار لتقنين زراعة القنب الهندي، بعدما هدد بتجميد عضويته في حزبه إذا صادقت الحكومة على مشروع القانون المذكور، والانسحاب نهائيا من الحزب إذا صوّت فريقه البرلماني لفائدته.
وفيما جرى إرجاء عرض مشروع القانون الإطار لتقنين زراعة القنب الهندي الذي أعدته وزارة الداخلية، في المجلس الحكومي، تتعالى الأصوات الرافضة للمشروع داخل حزب العدالة والتنمية، المتزعم للتحالف الحكومي، بينما ترى أوساط أخرى في الحزب أن هناك قضايا أهمّ من مناقشة تقنين زراعة القنب الهندي.
عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، قال إن “أُمّ المعارك بالنسبة إلينا اليوم في الحزب، هي الخيار الديمقراطي ولا شيء غيره”، وأضاف بنبرة ساخرة من الأطراف الداعمة لتقنين القنب الهندي: “ما يهمنا هو أن نعرف إلى أين تسير البلاد، وما كيهمّناش لا القنّب ولا البلاستيك ولا السّْلك”.
ويبني معارضو تقنين زراعة القنب الهندي موقفهم على أساس أن التقنين سيُشرعن تجارة المخدرات داخل المغرب، رغم أن مشروع القانون الإطار حصر مجالات استخدامه في الاستعمالات الدوائية والصناعية، بينما ذهب أفتاتي إلى القول إن “مافيات المخدرات لديها امتدادات داخل بعض الأحزاب السياسية”، على حد تعبيره.
وقال عضور الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في تصريح لهسبريس: “منذ عقود طويلة وصغار الفلاحين وعائلاتهم يرزحون تحت استغلال مافيات الاتجار وتهريب المخدرات، ومعروف أيضا أن هذه المافيات لها امتدادات داخل أحزاب سياسية”، مضيفا أن “البرلمان المغربي داخلينو أصحاب المخدرات، وهذا غير خافٍ على أحد”.
وسبق لعبد الإله بنكيران، الذي يقود المعركة المضادة لمشروع قانون تقنين القنب الهندي داخل حزب العدالة والتنمية، أن وصف دعاة تقنين هذه الزراعة، عندما كان رئيسا للحكومة، بـ”البانضية”، متهما إياهم ب”الكذب على الشعب، بادعائهم الدفاع عن الفقراء الذين يزرعون الكيف من خلال تحرير هذه الزراعة، وتُصبح مباحة لا يؤاخذ عليها القانون”.
وقال في أحد المؤتمرات الحزبية: “حين سنسمح بالكيف ستتسع رقعة زراعته وستكثر المصائب في المغرب كله، وستكثر الجرائم”، مضيفا: “ايلا كانوا تمّا (يقصد الأماكن المعروفة بزراعة القنب الهندي) ناس مظلومين أنا أول من يناصرهم باش نرجعو لهم حقهم، وايلا كانت المنطقة خصها التنمية نديرو اللازم ونجيبو لهم الإمكانيات ونقلبو معهم على حلول”.
وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية قضى في الحكومة زهاء عشر سنوات، إلا أن وضعية مزارعي القنب الهندي ظلت على حالها، ولم تُقدّم إليهم أي حلول لإخراجهم من وضعيتهم المزرية، ما جعل منتقدي بنكيران ومَن معه من معارضي تقنين زراعة نبتة “الكيف” يسائلونهم عن البديل الذي يقترحونه، بينما رفض عبد العزيز أفتاتي الإجابة عن سؤال بهذا الخصوص، وقال إن الموضوع الذي يجب أن يحظى بالنقاش اليوم هو الخيار الديمقراطي.
وأردف قائلا: “معركتنا اليوم هي معركة الخيار الديمقراطي، والسؤال الذي يجب أن يُطرح ليس هو هل سنقنن زراعة القنب الهندي أم لا، بل هل سنتدرج من السلطوية إلى الاستبداد أم سنرتقي إلى الديمقراطية الحقيقية؟”، مضيفا: “هذه هي أم المعاربة بالنسبة إليّ كعضو في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ونحن على أبواب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أما الأمور الأخرى فسيأتي الوقت لمناقشتها”.