مبانٍ تاريخية فوّاحة بعبق الحضارة المغربية تتلاشى كل حين بالعاصمة الاقتصادية وسط “إهمال” السلطات المحلية، بعدما انهارت مجموعة من المآثر العمرانية الشاهدة على ماضٍ تليد وحاضرٍ زائل، في ظل غياب سياسات عمومية من شأنها صون التراث المعماري بالمدينة.

وتهاوى جزء من بناية “لينكولن” الشهيرة بـ”كازابلانكا”، الجمعة، جراء التساقطات المطرية الأخيرة، بعد سلسلة من الانهيارات التي طالت الفندق التاريخي، الذي يجسد ذاكرة حيّة لموروث العاصمة الاقتصادية؛ وهو ما بات مبعث قلق للسكان القاطنين بضواحيها.

وتعود هذه المعلمة العمرانية إلى سنة 1917، حيث وضع تصميمها المهندس الفرنسي “هيبير بريد”؛ ولكن جدرانها بدأت تتهالك بعد عقود من تشييدها، فتعرضت بذلك لانهيارات جزئية على مراحل زمنية مختلفة إلى أن صارت خطراً يُحدق بالناس، على الرغم من أن وزارة الثقافة صنّفتها ضمن المواقع التاريخية.

وتعرّضت عشرات المباني التاريخية للهدم في الدار البيضاء خلال السنوات الأخيرة؛ في حين تترقب أخرى دورها، نتيجة زحف “اللوبي العمراني” وتوغله بشرايين المدينة، التي تعرف تراجعات كبيرة على صعيد التنمية الثقافية، مقابل سيطرة الهاجس الاقتصادي على تمفصلات القطب المالي.

ونبهت فعاليات ثقافية على الدوام إلى أهمية حماية الموروث العمراني بالمدينة، ارتباطاً بأدواره المحورية في جلب السياحة التراثية، سواء تعلق الأمر بالمغاربة أو الأجانب، في سياق ما بات يسمى بـ”الاقتصاد الثقافي”؛ ما يستدعي ضرورة صون المآثر الفنية المعرّضة للانهيار.

وفي هذا الإطار، قال المهدي ليمينة، فاعل محلي متتبع لأطوار الموضوع، إن “العواصم العالمية تحافظ على واجهاتها العمرانية، لأن الهيئات المعنية صنّفتها ضمن التراث الثقافي اللامادي؛ بينما لا تتوفر العاصمة الاقتصادية للمملكة على سياسات واضحة في هذا المجال”.

وأضاف ليمينة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “كثيراً من المباني التاريخية يتم هدمها بالدار البيضاء خلال السنوات الأخيرة، ويتمّ تشييد بنايات عصرية لا تحترم الخصوصية العمرانية للقطب المالي؛ ما مرده إلى غياب علاقة تعاقدية بين المنتخبين والناخبين حول الإرث الثقافي”.

وأوضح المتحدث عينه أن “المجالس المحلية عليها تقديم برنامج انتخابي فيما يخص حماية المباني العمرانية حتى يكون هناك التزام ثنائي بين الطرفين، تترتب على ضوئه المحاسبة بناءً على المسؤولية التي أُنيطت بالمرشّح”، وزاد: “باستثناء بعض المبادرات المدنية، فإن لمسة المجالس المنتخبة غائبة”.

hespress.com