على متن دراجة ثلاثية العجلات، نقلت سيدة في وضعية صحية حرجة إلى مستعجلات المستشفى الإقليمي المختار السوسي ببيوكرى، وهو المشهد الذي يلخص جزءا من واقع قطاع الصحة بإقليم اشتوكة آيت باها، لعل أبرز تمظهراته النقص الحاد في الموارد البشرية الطبية والتمريضية، وغياب مصلحة للإنعاش، ورداءة بنيات الاستقبال بالمستشفى الإقليمي، وكذا بالمراكز الصحية، مع ضغط واكتظاظ وازدحام داخل بعض مصالح المستشفى، وتعرض سيارات إسعاف جديدة للإتلاف بمرآب المندوبية، وتدبير للقطاع يجعل من جودة الخدمة الصحية المبتغى غير المحقق.

ويرى بوبكر أصفار، الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة باشتوكة آيت باها، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن مندوبية وزارة الصحة تعيش “على وقع الفوضى من عدة نواحي، توثر بشكل سلبي على العرض الصحي وما يترتب عنه من نقص حاد في جودة العلاجات المقدمة للمواطن بالإقليم، أبرزها النقص الحاد في الموارد البشرية الطبية والتمريضية بجميع تخصصاتها”.

نقص الموارد البشرية انضافت إليه ما وصفها الفاعل النقابي بوبكر أصفار بـ”فوضى التدبير التي نهجها المندوب الإقليمي لإرضاء بعض الجهات بتنقيلات استثنائية من المناطق الجبلية إلى السهل، ما يعني الإبقاء على الأطر الصحية في المصلحة المنتقل إليها دون إرجاعهم إلى مكان عملهم الأصلي، ما يعد ضربا لمبدأ تكافؤ الفرص ويؤثر على الخريطة التوقعية للحاجيات من الموارد البشرية، كما يضرب الحق الدستوري في الصحة للمواطنين”.

في زمن كورونا وقبله وإلى اليوم، الداخل إلى هذه المؤسسة الاستشفائية الإقليمية سيلحظ اكتظاظا للمرتفقين فرضه ضيق ورداءة بنيات الاستقبال، خاصة بمصلحة المستعجلات، فضلا عن الخصاص الحاد في الأطباء العامين والمتخصصين، وكذا الأطر التمريضية، ما يصبح معه نيل الخدمة الصحية عسيرا، ويجعل من المستشفى معبرا فقط إلى المستشفى الجهوي بأكادير، مع ما يرافق ذلك من مضاعفة معاناة الألم ويطيل أمد الحصول على الاستشفاء، ويعرض بذلك حياة المرضى للخطر.

ويقارب عدد سكان إقليم اشتوكة آيت باها 400 ألف نسمة، وهو إقليم ممتد الأطراف، تخترق خمس جماعات منه الطريق الوطنية رقم 1، ويستقبل عمالة فلاحية مهمة، بل وتستقر به طيلة السنة نساء حوامل وحوداث سير مسترسلة وأمراض تستوجب الإبقاء بمصلحة الإنعاش أو العناية المركزة، غير أنها تبقى حلما يراود المرضى ممن يكتوون بجرعات الألم الممزوجة بتلابيب العوز والبعد عن المركز الاستشفائي الجهوي.

“طبيب واحد لأزيد من 65 ألف نسمة، يتنقل بين جماعتي بلفاع وإنشادن، يتناوب على فحص الساكنة بمنطقتين تعرفان بكثافتهما السكانية والضغط على الخدمات الصحية، هو واقع يبرز بجلاء ويضع على المحك نوعية العرض الصحي الذي يتحدث عنه المسؤول الأول عن القطاع”، يقول بوبكر أصفار، مضيفا: “كما مازال يتحفظ على إدخال سيارات الإسعاف قيد الخدمة، التي تم تسلمها كهبة في إطار شراكة بين المجلس الإقليمي وعمالة اشتوكة آيت باها والجماعات الترابية، رغم أن الأسطول الحالي متهالك ولا يرقى إلى مواصفات السلامة اللازمة”.

هي إذن حزمة اختلالات ونواقص تعيق تطور قطاع الصحة بإقليم اشتوكة آيت باها، وتؤثر سلبا على نيل المرتفقين لخدمات صحية تحفظ آدميتهم وكرامتهم وتخفف جرعات آلامهم. ولأجل استقاء رأي مسؤولي القطاع بالإقليم، ربطنا مرات عديدة الاتصال بالدكتور خالد الريفي، المندوب الإقليمي للوزارة، وأبلغناه بموضوع الاتصال، غير أنه لم يرد على اتصالاتنا المتكررة.

كما يشار أن المسؤول ذاته وضع استقالته لمرتين أمام أنظار الوزارة الوصية، غير أنها رفضت الاستجابة لطلبه.

hespress.com