
من مكنونات التراث والمعيش المغربي والعربي استلهمت لوحات تشكيلية أشكالها وألوانها، في معرض يستقبله رواق منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو”، بشعار “لوحة الأمل”.
ويضم أول المعارض التي يستقبلها “رواق الإيسيسكو للفن المعاصر” 130 لوحة فنية، أبدعتها 28 ريشة من المغرب وريشات من دول عربية أخرى. ومن المرتقب أن تخصص مداخيل هذا المعرض لمستشفى ابن سينا بالرباط لعلاج الأطفال مرضى السرطان.
وينظم معرض “لوحة الأمل” بشراكة مع المجموعة العربية بالنادي الدبلوماسي الخيري في المغرب، ومرسم قرمادي بالرباط، في إطار احتفاء الإيسيسكو بـ”شهر التراث في العالم الإسلامي”، تحت شعار “متحدون من أجل الفن والتراث”.
وفضلا عن الشهادة على جمال الإبداع الإنساني، يشهد هذا المعرض الجماعي على عراقة المغرب مصورا تراكمات العصور بآثار محاولة الريشة نبش مكنونات اللوحة / الحامل.
ومن بين ما يتيحه المعرض جولة داخل مكنونات المملكة، بتاريخها العريق المتمظهر في لباس قاطنيها وحليهم ومعمارهم وتقاليدهم في التجمل والعمل والاحتفال والشرب وطقوسهم في الاحتساء.
ومن عوالم البهجة، يجد الناظر بين اللوحات تصويرا للباس العرائس، وتواطؤات الأُبهة، وفرح المغربيات تمايلا وتصفيقا ورقصا، في فضاءات بعيدة عن الأعين مغضوضها وخائنها، وعن العتاب صادقه وكاذبه، وبعيدة عن العدسات التي تسرق العفوية، وصدق التواجد، لا اللحظة فقط.
ومن مغرب، يكاد يولي دون عود، تظهر لوحة شيخا، بجلباب ورزة، يحتسي، خارج قيود الزمان وغلظة الحياة، شايا “مُنعنعا”، لم يكن، في وقت قريب بمقاييس التجربة الإنسانية، جزءا من إرث أرض الناس هذه.
ومن الأزقة العتيقة والمعالم الشامخة للبلاد، تستلهم ريشات المعرض معالم تاريخ حاضر، متخيلة، أحيانا، من قطنوه يوما، بملابسهم، تلك المغربية التي لم يكن قد مسها العالم المُعولم بسوء بعد، ومصورة إياه وحيدا، أحايين، ليشهد على العراقة، والأصالة، والجمال، وضعف حال الخلف أيضا.
كما تحضر في المعرض، بوفرة، لوحات تصور معلمة المغرب، الفارة من حكايات المدن العجائبية التي تبزغ وفق دقات ساعة الخالدين لا دقائق الفانين؛ “قصبة الأوداية”. دون أن تغفل الريشات عن قصبات وقبب، في شمال المملكة وجنوبها، تحدث ناظرها بما لم يشهده من حيوات الأقدمين.
في هذا المعرض، أيضا، وفاء للفخر العربي بالفرس، والفروسية؛ فتُظهر اللوحات هذا الحيوان الرمز حرا، أبيا، راكضا دون اعتبار للإطار المقيد لغيره من ذوي الألباب.
وبعيدا عن التجريد وتعبيراته التي قد تدركها العين، وقد تخطئها، ينحاز معرض “لوحة الأمل” الخيري لبساطة التعبير انتصارا للوضوح: هذا شيء من جمال القارة الأم، بسمرتها وبياضها، والمنطقة التي تجمعها اللغة العربية، وتتعدد موروثاتها وتجاربها وألسنتها.