"مغاربة داعش" يطلبون الرحمة..
صورة: أ.ف.ب


سعيد ابن عائشة


السبت 20 فبراير 2021 – 09:01

“إنهم يطلبون الرحمة من أمير المؤمنين”، تلخص هذه الجملة نهاية المطاف بالنسبة لبعض المغاربة الذين آمنوا في وقت من الأوقات بمشروع “دولة داعش”، التي لا علاقة لها بالإسلام، بل إن الذين يطلقون نداءات للعودة إلى وطنهم الأم شاركوا في عمليات قتالية ميدانية، تخريبية ضد أنظمة أخرى، بناء على مفهومهم لـ”الجهاد”. كيف يمكن التعامل بسهولة مع من اقتحموا قصور نظام بشار الأسد وأسسوا فيالق تابعة لتنظيم الدولة في بلد مثل سوريا (بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع الأسد)؟.

اليوم يعيش “داعش” أسوأ أيامه بعد انحسار عملياته واندحاره في أغلب بؤر التوتر، بل إن عددا كبيرا من منتسبيه تحولوا إلى رهائن، والكارثة لا تقف عند هذا الحد، بل إن لهذه الدولة الوهمية “أبناءها”، الذين ولدوا في رحم مشاريع التخريب بالعنف والسلاح، قبل أن تصبح اليوم عبارة عن مجموعة معتقلين من النساء والأطفال، وبعض الشبان والرجال، الذين لا حول لهم ولا قوة، أمام “قوة الاعتقال”، وأمام التهديدات القانونية التي يمكن أن تطالهم مستقبلا، حيث لا يمكن استثناء هؤلاء المغاربة من أحكام قاسية صدرت في حق منتسبي “داعش” من شتى أنحاء العالم.

واحد من هؤلاء المغاربة، وقد كان لـ”داعش” بعض “أمراء الدم المغاربة”، بالإضافة إلى الذين تورطوا في الصراع الدامي في بؤر التوتر، أنشد ذات يوم قائلا: “قدك المياس يا عمري .. يا غصين البان كاليسر/ أنت أحلى الناس في نظري .. جل من سواك يا قمري”. لكنه لم يكن يغني عن حبيبته “الداعشية” كما قد يعتقد البعض، بل كان يقصد بندقيته التي يقاتل بها ضد النظام .

اليوم، هناك من يطلب تدخل الدولة المغربية لإنقاذ الوضع، بل إن لجنة برلمانية دخلت على خط الموضوع، بدعوى أن هناك نساء مغربيات محتجزات في مخيمات للاجئين، والقضية تلقى تعاطفا كبيرا لأن الأصل هو “التضامن والتلاحم بين جميع المغاربة”، ولكن الجزء المخفي من جبل الجليد لا يجرؤ أي أحد على طرحه: ماذا لو أن مشروع “داعش” نجح وفرض نفسه في بعض بقاع العالم؟ هل ستكون هناك فرصة للتراجع؟ ألم يؤسس هؤلاء المغاربة، الخارجون عن الإجماع، شرطة إسلامية مغربية في سوريا؟

في سوريا، على سبيل المثال، يبدو ملف مغاربة “داعش” معقدا، فقد تورط هناك مغاربة سبق لهم أن تورطوا في جرائم إرهابية في المغرب، وقادهم حلم الإرهاب إلى الارتماء في أحضان “داعش”، والمغرب لم يغلق بعد ملف المسؤولين المعنويين عن نشر الفكر المتطرف، الذين غرروا بالشباب في حلم أقرب إلى الجحيم.. وصوت المعاناة اليوم أقوى من صوت العقل، ونداءات التعاطف أكبر من أي حكمة..

الأمهات يبكين، ودموع الرجال لا تجف عن فراق فلذة كبد أو قريب محتجز، والمغاربة يقولون إن المذنب يستحق العقوبة. لكن التعامل مع هذا الملف ينبغي أن يحاط بضوابط، أقلها تهييئ الظروف للاندماج الاجتماعي لهذه الفئات. ومعلوم أن الأحلام تتبلور في الطفولة، فما هو حلم طفل ولد في حضن “داعش”؟ وأي حلم يتبقى لامرأة فقدت زوجها في معارك “داعش”؟ وأية أبوة تبقى لمن تخلى عن أبنائه ليتزوج بالحور العين عند “داعش”؟..

تنظيم الدولة داعش لجنة برلمانية منتسبين

hespress.com