مع مرور الأيام يشتد ويضيق طوق المعاناة حول عشرات المغربيات العالقات في مدينة سبتة المحتلة؛ إذ لم يعُدن يشتكين فقط من الظروف المزرية التي يعشن فيها داخل مخازن قصديرية يشبّهنها بالأفران بسبب صهدها المفرط، بل أصبحْن عُرضة للاستغلال كخادمات في البيوت بأجور زهيدة.

ولجأت عدد من المغربيات العالقات في سبتة إلى البحث عن مصدر رزقٍ لتوفير بعض اليوروهات إمّا لشراء الطعام بسبب رداءة الوجبات المقدّمة لهن من طرف سلطات المدينة المحتلة، أو لشراء الأدوية، ما حدا بهنّ إلى عرض خدماتهن تقريبا بالطريقة نفسها التي تلجأ إليها النساء في “المُوقف” بالمغرب.

تقول شابة عالقة في سبتة لهسبريس: “كتجي شي مغربية عايشة هنا كتوقف بطوموبيلتها وكتدّي معاها شي وحدة تعاونها فشغال الدار، حيت العيالات محتاجين”، غير أن المهمة التي تعتقد السيدة الباحثة عن مصدر رزق أنها ستؤدّيها بيُسر تتحول إلى عذاب يمتد لساعات مقابل يوروهات معدودة.

“العيالات اللي كيمشيوْ يخدمو فالديور كيحرثو عليهم مْساكن النهار كامل، وكيعطيوهم أقل من عشرة يورو”، تضيف المتحدثة، وتؤكّد سيدة أخرى من العالقات المغربيات في سبتة هذا المعطى قائلة: “كيحرثو عليهم من العشرة د الصباح حتى العشرة د الليل، زعما غير باش يضبرو”.

وما تزال عشرات المغربيات العالقات في مدينة سبتة المحتلة يتساءلن عن سبب عدم إقدام الحكومة المغربية على إعادتهن إلى المغرب بعد حوالي ستة أشهر من إغلاق الحدود البرية مع إسبانيا، في حين إن بعض العالقين عادوا إلى المغرب على متن رحلات أشرفت على تنظيمها السلطات المغربية، لكنها لم تشمل الجميع.

ومع اشتداد حرارة فصل الصيف أصبحت المغربيات العالقات في سبتة يعشن شبْه مشرّدات، بحسب تعبير سيدة تعمل في مصحة للطب النفسي بالمدينة المحتلة وجدت نفسها بدورها ضمن العالقات بعد أن استحال عبورها للحدود بين سبتة والفنيدق عبر معبر “طارخال”، وحتّم عليها وضعها، بعد إغلاق المصحة التي تشتغل فيها أبوابها بسبب جائحة كورونا، العيش تحت السقف القصديري لمَخزنِ بضائع إلى جانب مغربيات أخريات.

تقول المتحدثة في اتصال بهسبريس: “ولّينا كنعيشو غير فالزنقة حيت قتلنا الصهد فالخزاين، وما عرفناش علاش المسؤولين ديال المغرب نساونا”، مضيفة: “هم كيقولو حنا خدامات وعايشين في سبتة، وحنا ما خدامات ما والو، كنا كنخدمو ونرجعو فحالنا بالعشية للمغرب، دبا حنا حاصلين هنا وبغينا نرجعو فحالنا عند وليداتنا”.

ينطلق صوتُ سيدة أخرى كانت بجانب المتحدثة قائلة: “حنا مقهورينْ. تقهرنا بزاف. گالسين غير فالزنقة حيت ميمكنشي تستحمل الحرار د القزدير”، وتابعت أن المغربيات العالقات في سيتة لا يعانين فقط من الحرارة وسوء ظروف السكن، بل يعانين أيضا من سوء التغذية وغياب الرعاية الصحية رغم الأخطار المحيطة بهن.

وتزيد موضحة: “تصوّر حنا فالصيف والحرارة وكيعطيونا القطاني والخبز ناشف وتفاحة. الماكلة كتكون كونْجلي (مجمّدة)، وكنقضيو بلّي كاين”، بينما قالت السيدة التي تعمل في مصحة للطب النفسي إنها فقدت عشرة كيلوغرامات بسبب سوء التغذية وتفكيرها الدائم في أبنائها الذين تعيش بعيدة عنهم رغما عنها.

وعلى الرغم من أن عددا من المغربيات العالقات في سبتة يعانين من أمراض، ومنهن من تعاني من أمراض مزمنة، فإنهن لا يحظين بالرعاية الطبية المطلوبة؛ إذ تتكلف ممرضة فقط بزيارتهن بين فينة وأخرى، وتناولهن بعض العقارير “غير باش يتكالْماوْ وينعسو”، بحسب إفادة الشابة التي تحدثت إلى هسبريس.

وتضيف المتحدثة قائلة: “الناس هنا مراضين، كاينة سبعطاش مْرا مريضة، واللي ما عمرو مرض راه مْرض دبا، وحنا مكنتيقوش فالدّوا اللي كيعطيونا هادو” (تقصد الإسبان)، وختمت متسائلة: “ولّاو الناس كيصورونا كي القرودة، وما عرفناش اشمن دْنب درنا نخلصو هاد الثمن”.

hespress.com