قال أحمد مفيد، أستاذ القانون الدستوري بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إن كثيرا من المنتخبين الذين يسيّرون شؤون المدن المغربية لم يستوعبوا بعد مقاربة النوع الاجتماعي التي أكد عليها دستور المملكة، ما يجعل هذه المقاربة مغيّبة في سياسة المدينة.
وأوضح مفيد، في ندوة نظمتها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب مساء الثلاثاء، أن المجالس المنتخبة مطالبة باعتماد مقاربة النوع في جميع مخططاتها المتعلقة بسياسة المدينة، لافتا إلى أن النساء هن الأكثر ضحية لغياب بعض المرافق أو التجهيزات، كالإنارة العمومية مثلا، ما يجعلهن عرضة للتحرش الجنسي والسرقة، وغيرها من الجرائم.
وتابع المتحدث بأنه كلما توفرت التجهيزات تمتعت النساء بحماية أكبر، ضاربا المثل بانخفاض نسبة التحرش في الترامواي مقارنة مع حافلات النقل الحضري، لكون وسيلة النقل الأولى مجهزة بكاميرات المراقبة.
وعلى الرغم من أن دستور المملكة نص على مبادئ الحكامة والمشاركة ومكافحة كافة أشكال التمييز، إلا أن مفيد يرى أن المرافق العمومية التي تخلقها المجالس الجماعية لا تضمن مساواة فعلية من حيث الولوج إليها والاستفادة من خدماتها.
وضرب مثلا بالملاعب العمومية التي قال إن تسعين في المئة منها يستفيد منها الذكور، وليس الإناث، والشيء نفسه بالنسبة للمسابح، وأكل متسائلا: “هل لدينا فعلا تخطيط حضري يأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع الاجتماعي؟”.
وأردف أستاذ القانون الدستوري بأن تغييب مقاربة النوع في سياسة المدينة يجعل النساء يعانين أكثر من الرجال، مبرزا أن السياسة الناجعة تتطلب من المنتخبين أن يأخذوا بعين الاعتبار احتياجات المجتمع المحلي، من النساء والرجال والأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص المتخلى عنهم.
وتساءل المتحدث قائلا: “هل لدينا سياسة مدينة تأخذ كل هذه الجوانب بعين الاعتبار؟ وهل لدينا سياسة ذات طابع شمولي ودامج؟ وهل لدينا مدينة يمكن أن نطلق عليها مدينة الحقوق، أي المدينة التي تضمن حقوق الساكنة؟”
وفي الوقت الذي توجَّه فيه انتقادات لاذعة هذه الأيام إلى المنتخبين في عدد من المدن بسبب الفيضانات التي ألحقت خسائر بممتلكات المواطنين، قال مفيد إن الوثيقة الدستورية تضمنت جملة من المقتضيات التي تؤكد على الحكامة والمشاركة وعلى مقاربة النوع، وغيرها من المبادئ الأساسية، “ولكننا ما زلنا بحاجة إلى مقتضيات تنظيمية للتأسيس لسياسة مدينة ناجعة، تضمن حقوق الجميع، وخاصة النساء”.