على جنبات الطرق بكل مداخل مدينة سطات ومخارجها، تلفت انتباهك سيارات متوقفة تحمل آلة تحضير مشروب القهوة، موصلة بلوحة طاقة شمسية مثبتة على السيارة لتزويد الآلة بالكهرباء، وكراس متفرقة هنا وهناك في فضاء مفتوح، وشبان يقدمون خدماتهم، منهم من أرغمته ظروف كورونا على تغيير الحرفة، وسيارات زبائن مركونة جانب الطريق، في انتظار دورهم لاحتساء كوب قهوة ومتابعة السير.
ظاهرة المقاهي المتنقلة على جوانب الطرق بإقليم سطات، انتشرت بكثرة بعد إغلاق المقاهي بالمدينة، خلال فترة تخفيف الحجر الصحي، وكذا حصر عدد الزبائن في المقاهي بمدن الإقليم، وتحديد وقت الفتح والإغلاق، في إطار التدابير الاحترازية الوقائية لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
هسبريس زارت عدة نقاط تتواجد بها المقاهي المتنقلة بإقليم سطات، سواء على مستوى المدخل الشمالي للمدينة أو المدخل الجنوبي، أو على جانب الطريق الجهوية رقم 308، الرابطة بين سطات وتادلة عبر البروج، حيث تنتشر سيارات مجهزة بآلات تحضير مشروب القهوة.
تقمصنا دور الزبائن وطلبنا مشروبا من أحد الممارسين على مستوى الطريق الوطنية رقم 9، فلم يتردد في تحضير المشروب في كأس بلاستيكي، غير قابل للاستعمال مرة ثانية، عبر آلة تستمد طاقتها من لوحة مثبتة فوق السيارة، بعدما سألنا عن مقدار السكر، واسترسل قائلا: “ذوق القهوة ورد علي.. الثمن محدد في 7 دراهم.. بغيتي ديال 5 دراهم سير قلب عليها عند واحد آخر”.
فكرة مستوردة من الخارج
محمد عشوي، الكاتب الإقليمي للاتحاد العام للمقاولات والمهن بسطات، قال، في تصريح لهسبريس، إن فكرة مشروع المقاهي المتنقلة على السيارات اقتبسها من فرنسا، بعدما كان في زيارة لدول بأوروبا وأمريكا. وبعد عودته إلى المغرب، جرّب الاشتغال على المشروع الذي حقق نجاحا.
وسجل عشوي أن المشروب الأسود، المقدم من قبل ممارسي حرفة المقاهي المتنقلة، يختلف من حيث الجودة والثمن من شخص إلى آخر، معتبرا
أن الثمن منحصر ما بين 5 و7 دراهم، حسب جودة حبوب البن المستعملة، تاركا الحكم للزبائن.
وأشار المتحدث عينه إلى أن الإقبال على المشروب الجيد ضعيف جدا، بالمقارنة مع المشروب الرخيص، أمام التطفل على الحرفة. وزاد قائلا: “غير لي دار كروسة وماكينة يبدا في الخدمة وتقديم المشروب للناس بطريقة عشوائية”.
واستحضر عشوي ضرورة التزام الممارسين بالإجراءات الصحية الوقائية، كالتعقيم والتنظيف، والحرص على التباعد، وارتداء الكمامات، والتوفر على حاويات أزبال، مع حسن المعاملة وتقديم خدمة ذات جودة.
المطالبة بالتنظيم والجودة
أوضح محمد عشوي بأن أغلب ممارسي حرفة المقاهي المتنقلة عبر السيارات لا يتوفرون على تراخيص، أو قانون المقاولة المعمول به، فضلا عن عدم أداء واجبات استغلال الملك العمومي، والضمان الاجتماعي، حتى يرقى المشروع إلى المقاولة الذاتية.
وطالب المتحدث السلطات المعنية بتقنين هذه الحرفة، التي أصبحت حرفة من لا مهنة له، دون دراية بجودة البن وقواعد إعداد مشروب القهوة، واستخدام الآلة بطريقة صحيحة.
ووجه عشوي رسالة إلى ممارسي المقاهي المتنقلة قصد العمل بطريقة معززة ومكرمة، واستخدام مواد ذات جودة في تحضير مشروب القهوة لجلب أكبر عدد من الزبائن، مشددا على تقنين الأثمان، موضحا أن المردودية رهينة بالجودة والمعاملة والمكان.
والتمس المتحدث نفسه من ساكنة سطات أن تضع يدها في يد مكتب الاتحاد العام للمقاولات والمهن، مشيرا إلى أن باب المكتب مفتوح في وجه المقاولين الصغار والمتوسطين، والباعة الجائلين، قصد إصلاح مدينة سطات، والخروج من العشوائية التي تطبع المقاولة، معبرا عن استعداده لتقديم خبرته في التنظيم والتقنين وتقديم المساعدة، في ظل المنافسة الحرة والشريفة.