في الوقت الذي يناقش البرلمان المغربي لأول مرة منذ استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل التقرير السنوي لسنة 2019 لهذه المؤسسة، في غياب ممثل عنها أو عن الحكومة، هاجم نواب حزب العدالة والتنمية النيابة العامة، متهمين إياها بمحاولة تقمص دور سلطة مستقلة لوحدها ووضع نفسها في مرتبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي يرأسه الملك.
جاء ذلك ضمن اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب لدراسة “تقارير رئيس النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنوات 2017، 2018 و2019″، اليوم الثلاثاء.
بثينة قروري، برلمانية عن حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، هاجمت النيابة العامة بالقول: “تعطي تفسيرات غريبة لمجموعة من القضايا، منها التفتيش القضائي، حيث تسعى النيابة العامة إلى تشكيل مفتشية عامة خاصة بها عكس ما ينص عليه القانون”، مضيفة أن “هذا الأمر يعطي الانطباع بأننا أمام سلطتين قضائيتين، وهو الهدف الذي تدفع إليه النيابة العامة”.
وانتقدت قروري هذا التوجه الذي اختارته النيابة العامة، والذي يرفض تبعية قضاة النيابة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية باعتباره خيارا دستوريا، منبهة إلى أن “رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية هو الملك، وعندما تتحدث النيابة العامة عن مؤسستين قياديتين فإنها تضع رئيس النيابة العامة في نفس مستوى المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي يرأسه الملك”.
وأشارت البرلمانية في هذا الصدد إلى أن “النيابة العامة تشتكي في علاقتها مع وزارة العدل أو المجلس الأعلى للسلطة القضائية بكونها سلطة مستقلة، عبر الحديث عن مفاهيم غير دستورية من قبل الحديث عن (المؤسسات القيادية للسلطة القضائية)، وهو مصطلح إعلامي وسياسي وليس مصطلحا دستوريا حري بهذه المؤسسة”.
وأكدت قروري أن النيابة العامة وهي تدافع عن مكانتها بعد الاستقلال عن السلطة القضائية، تمسكت بقراءة لقرار المجلس الدستوري، وذلك بعدم الحضور للبرلمان، مشيرة إلى أن البرلمان لم تكن له نية محاسبة النيابة العامة، والمطلب كان هو تبادل الرأي مع المسؤولين في النيابة العامة.
وخلال مناقشة التقرير الصادر عن النيابة العامة، أكدت قروري أن “الهدف هو حماية المتقاضين وليس القضاة”، موضحة أن “النفس العام لتقرير النيابة العامة تطغى عليه محاولة توسيع اختصاصات النيابة العامة”.
ويستند قرار النيابة العامة إلى ما تنص عليه المادة 110 من القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية من أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية يتلقى تقرير الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيسا للنيابة العامة، حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة، قبل عرضه ومناقشته أمام اللجنتين المكلفتين بالتشريع بمجلسي البرلمان.
وبناء على ذلك، جاء قرار للمجلس الدستوري سنة 2016 بالتأكيد على أن التقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، المنصوص عليها في الفصل 113 من الدستور، بما في ذلك تقارير الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيسا للنيابة العامة، بشأن تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة، تعد تقارير تهم الشأن العام القضائي، مضيفا أنه “يجوز للجميع، لا سيما البرلمان، تدارسها والأخذ بما قد يرد فيها من توصيات، مع مراعاة مبدأ فصل السلط والاحترام الواجب للسلطة القضائية المستقلة”.