رد قوي خص به فريق حزب العدالة والتنمية المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، واصفا بلاغه الذي كان ردّا على سؤال للفريق إلى رئيس الحكومة، بكونه “كعادته، بلاغا يفتقد للمهنية وللّغة الرصينة التي يتعين أن تطبع عمل المؤسسات، يتطاول فيه على مؤسسة البرلمان وعلى نواب الأمة الذين خول لهم الدستور القيام بمهامهم الرقابية ومتّعهم لهذا الغرض بالحصانة الدستورية”.
وطالب الفريقُ سعدَ الدين العثماني، رئيس الحكومة، بالتدخل “لتصحيح الخلل والإساءة الحاصلَيْن”، ودعا الحبيب المالكي، رئيسَ مجلس النواب، ومكتبَ المجلس، إلى “اتخاذ ما يلزم للدفاع عن المؤسسة البرلمانية، وعدم السماح بالتطاول عليها”.
جاء هذا عقب وصف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أعضاء فريق حزب العدالة والتنمية بكونهم يحاولون “الركوب” على ما يعتبرونه “ملفا حقوقيا واستثماره من أجل تحقيق أهداف ضيقة”، متهمة إياهم بالاعتياد على اللجوء إلى إرسال الأسئلة وتسريبها في الوقت نفسه، مع الإصرار “على إضافة أصواتهم إلى أصوات أخرى تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وتطالب بإطلاق سراح السجينين (الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي)، في تجاهل تام لاستقلالية القضاء ولحقوق الأطراف الأخرى في القضيتين”.
وكان بيان محمد صلاح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ردا على سؤال شفوي آني وجهه ستة نواب برلمانيين من حزب العدالة والتنمية، في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، حول وضعية الصحافيّين المعتقَلين المضربين عن الطعام سليمان الريسوني وعمر الراضي، إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، يوم 14 أبريل الجاري، قبل أن يُنشَر رقميا في 19 من الشهر نفسه، نظرا لإشراف العثماني على المندوبية العامة لإدارة السجون، و”مسؤولية الحكومة على حياة السجناء وسلامتهم”.
وقال فريق حزب العدالة والتنمية، في رده على مندوبية السجون، إن المندوب العام قد “افتقد للياقة والاحترام الواجب للبرلمان والبرلمانيين”، علما أن هذه “خصال ينبغي أن تحكم تصرفات وخطاب أي مسؤول إداري، ولا سيما وهو يعمل في منصب حساس، فضلا عن أنه تجاوز إطار سؤال لَم يوجَّه إليه أصلا، وإنما وُجّه لرئيسه، السيد رئيس الحكومة”.
وندد الفريق البرلماني بما أسماه “الأسلوب غير اللائق الذي دأب عليه المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج في التعاطي مع المبادرات الرقابية للسيدات والسادة برلمانيي الفريق، التي يمارسونها انطلاقا من مقتضيات الدستور والنظام الداخلي بمجلس النواب”، وذكّر في هذا السياق بأن “المخول دستوريا بالجواب عن سؤال البرلمانيين هو رئيس الحكومة أو مَن ينتدبه من الوزراء”، داعيا المندوب إلى “احترام المؤسسة البرلمانية، والالتزام بمبادئ الدستور، وعلى رأسها مبدأ الفصل بين السلط وتوازنها وتعاونها”.
وقال الفريق إن “من أبجديات العمل البرلماني أنه عمل عمومي، وأن المبادرات الرقابية والتشريعية البرلمانية يحكمها هذا المنطق، ونشرُها لا يدخل في خانة التسريب، من قبيل ما ورد في بلاغ السيد المندوب العام”.
وتساءل الفريق عما اعتبره “خلطا عجيبا وإيحاءات مغرضة” في بلاغ التامك، متهما إياه بـ”تعمد الهروب من الجواب على سؤال، وإن كان ذلك ليس من صلاحياته أصلا، باختلاق اتهام برلمانيي الفريق بالرغبة في التدخل في عمل السلطة القضائية المستقلة، في الوقت الذي اقتصر فيه السؤال على مساءلة الحكومة عن تدبير مرفق إداري خاضع لها، الذي هو المؤسسة السجنية”.
وفي ختام البيان، الذي وقعه رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، مصطفى إبراهيمي، ذكّر الفريق “السيد المندوب العام أن علاقته مع الرقابة البرلمانية عبر الأسئلة تنحصر فقط في تقديم عناصر الجواب على السؤال حينما يحال عليه من رئيسه، وعليه أن يلزَم حدوده، وألا يتعدى اختصاصاته التي لا تسمح له بمخاطبة البرلمانيين مباشرة، بله التطاول عليهم ومهاجمتهم”، ودعاه إلى “ضبط النفس والالتزام بالقواعد المطلوبة في مَن يدبّر مؤسسة من مؤسسات الدولة”، مضيفا أن “البرلمانيين ماضون في أداء مهامّهم الدستورية، ولن تثنيهم أبدا أساليب القذف والتعريض واتهام النوايا واختلاق الصراعات الوهمية”.
تجدر الإشارة إلى أن عمر الراضي وسليمان الريسوني مستمران في إضرابهما عن الطعام منذ ما يزيد عن عشرة أيام، طلبا لمتابعتهما في حالة سراح، بعدما قضيا مدة سنة تقريبا في السجن الاحتياطي.
وبعد السؤال الشفوي الآني لبرلمانيين من العدالة والتنمية حول وضعية الصحافيّين، وجه مصطفى الشناوي، نائب برلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالا كتابيا إلى رئيس الحكومة حول “الوضعية الصحية الخطيرة للصحافيّين المعتقَلين عمر الراضي وسليمان الريسوني المضربَين عن الطعام (…) احتجاجا على اعتقالهما بسبب تعبيرهما عن رأيها كصحافيّين، واحتجاجا على ظروف الاعتقال والتضييق والعزل الذي يتعرّضان له”.