لا يمكن الحديث عن العمل النقابي في المغرب منذ الاستعمار الفرنسي إلى اليوم دون استحضار رواده ومؤسسيه، الذين ساهموا بنضالاتهم داخل المعامل والمؤسسات في إرساء قواعده وأسسه.

عبد الرزاق أفيلال، الملقب بـ”الطنجاوي”، واحد من رموز العمل النقابي المغربي ومؤسسي الحركة النقابية الذي وصفه الكاتب الفرنسي جيرارد فونتونو بـ”رجل يحمل وراءه مسارا نضاليا يقارب خمسين سنة”.

عبر حلقات تنشرها جريدة هـسبريس الإلكترونية، نحاول تسليط الضوء على مسارات رجل تعليم ظل يتربع على عرش نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب لأكثر من أربعة عقود، من خلال شهادة خاصة يقدمها نجله الكاتب رشيد أفيلال.

-6-

لم يكن عبد الرزاق أفيلال نقابيا زعيما للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، بل طوال مساره ظل يمارس السياسة من بوابة حزب الاستقلال الذي كان عضوا فيه، وصار باسمه نائبا برلمانيا عن دائرة عين السبع الحي المحمدي ورئيسا لجماعة عين السبع.

وخلال فترة رئاسته لجماعة عين السبع بالدار البيضاء، أقدم عبد الرزاق أفيلال في خطوة لوقف المد الكنيسي بالمغرب، على تحويل كنيسة متواجدة بالصخور السوداء إلى مسجد يحمل اسم القدس.

جاءت هذه الخطوة غير المسبوقة في وقت لا يخول فيه القانون تحويل كنيسة إلى مسجد، بينما يسمح بتحويلها إلى مركز ثقافي أو اجتماعي، لكن عبد الرزاق، بحسب ما أكده ابنه الكاتب رشيد أفيلال، استطاع القيام بذلك.

وما تزال بصمة عبد الرزاق أفيلال حاضرة على مستوى عين السبع، يقول ابنه، من خلال المعهد الموسيقي “العربي باطما” إلى جانب “مسرح بوجميع”.

وشكل ملعب العربي الزاولي، الذي يعد من المنجزات الكبيرة بعين السبع، نقطة جرت على أفيلال انتقادات بعد تقرير تلفزيوني أعدته القناة الثانية سنة 2002 حول وضعية الملعب، حيث تساءلت عن مصير المليارات التي صرفت في إنجازه بينما هو مهدد بالانهيار.

وبعد إجراء خبرة، دحضت ذلك، يضيف أفيلال، تبين أن الملعب لا خلل فيه، لكن مسؤولي القناة لم يصححوا الخبر، مضيفا أن الملعب أنجز بتكلفة مالية لم تتجاوز أربعة مليارات.

وأكد أفيلال الابن أن حملة استهدفت والده، حيث خضع للمحاكمة في قضية “مشروع الحسن الثاني”، رغم أنه حظي بوسام العرش من درجة فارس بسبب هذا المشروع الذي انطلق في الثمانينات من القرن الماضي.

وكان أفيلال يسعى إلى تمكين قاطني دور الصفيح في تلك الفترة من الاستفادة من بقع أرضية لبناء مساكن عليها، لكن، يضيف الابن، بعد مغادرته الجماعة، تغيرت الأمور؛ إذ صارت الاستفادة عبارة عن شقق وليس بقع، وصارت العمارات تتكون من ثماني طوابق، وهو ما رفضه عبد الرزاق أفيلال.

ويحكي رشيد أفيلال أن ملف مشروع الحسن الثاني تبين أنه قد رافقته ضجة إعلامية، ولم يتم اعتقال والده ولا الحكم عليه بالسجن، واتضح أنه ملف أعطي ضجة أكثر مما يستحق.

وأوضح أفيلال الابن أن أفيلال الأب ختم مشواره السياسي بعد بدء هذه المحاكمة، حيث جمد عضويته باللجنة التنفيذية للحزب وداخل البرلمان، لأنه كان يعتبر أن الحزب هو من كان مستهدفا وليس شخصه.

وأفاد الابن بأن والده ختم مشواره النقابي والسياسي بالتصريح بممتلكاته وممتلكات أبنائه في سابقة من نوعها، رغم أن القانون لا يفرض عليه ذلك.

ويحكي رشيد أفيلال أن والده وقد تجاوز الثمانين سنة لم يتمكن من مسايرة المحاكمة التي تحول فيها من شاهد إلى متهم في جناية المساهمة في تبديد المال العام والمشاركة في استغلال النفوذ، موردا أن هذه المحاكمة دامت ابتدائيا سبع سنوات وأنهكت النقابي عبد الرزاق أفيلال.

[embedded content]

hespress.com