الجمعة 30 أبريل 2021 – 09:24
أعزكم الله، إذا كنت من المواطنين الذين يقبلون بنهم شديد على حفلات الشواء، وإذا كنت من الذين يفضلون تناول “شوايات” اللحم المفروم رفقة العائلة والأصدقاء عند كل محطة استراحة أو “دوار” تجده في طريق السفر..وإذا كنت من المواطنين الذين لا يقدرون على شراء اللحوم المعتمدة في أكبر المتاجر الممتازة، فقد حان الوقت لتتمهل، لأن ما سترسله إلى معدتك قد يكون عبارة عن “لحوم حيوانات لا يمكن ذكرها احتراما للصائمين”.
هذه الجملة الأخيرة هي ما ورد بالضبط على لسان نائب برلماني بداية هذا الأسبوع، داخل مؤسسة رسمية وهي مجلس المستشارين، حيث قال رئيس الفريق الاستقلالي إن كبار المسؤولين لا يأخذون الأمور بجدية لمحاربة الذبيحة السرية، التي تتم في غفلة من المراقبين، ورغم أنه لم يذكر اسم الحيوانات المعنية بعملية الذبح، فقد ردد جل البرلمانيين اسم الحيوانات المقصودة، وهي “الكلاب والحمير”، شرف الله قدركم.
السادة النواب المحترمون يعرفون أن لحوم الكلاب والحمير تتسلل إلى موائد المواطنين، ومع ذلك فقد كانوا يناقشون الأمر بهدوء، وكأن الأمر لا يعنيهم؛ علما أن نقاشا من النوع نفسه يكتسي خطورة كبيرة في بلدان أخرى، لماذا؟ لأن تعريض السلامة العامة للمواطنين للخطر، وإنتاج وبيع غذاء مسموم، تصل عقوبتهما إلى الإعدام.
تصور أن الجزار نفسه الذي يطلب البركة في الصباح، ويعترض سبيل المارة في الطريق يعرض عليهم موائده، هو الذي يقضي الليل في البحث عن حمير أو دواب أخرى لذبحها وسلخ جلدها، وتغيير ملامح الجريمة، وشكل قطع اللحم، ليقدمها في اليوم الموالي في شكل “لحم مفروم” و”طواجن” لزبائن مغفلين لا يحميهم أي قانون.
وسبق للصحافة أن دقت ناقوس الخطر، وهي تقتفي أخبار شبكات إجرامية متخصصة في توريد لحوم الأبقار المريضة والكلاب لمحال الأكلات الخفيفة في المدن الكبرى، حيث يوجد الاستهلاك السريع، والغباء الكبير للمستهلين (والكاتب واحد منهم)؛ ومع ذلك فقد ظلت دار لقمان على حالها، ومازالت صورة بعض الجزارين هي نفسها، منذ عصور، ولا مجال للحديث عن شروط النظافة والعمل واللباس المناسب لممارسة هذه المهنة.
يمكن حل المشكلة بشد الحزام، وفرض شروط الوقاية والسلامة في كافة المجازر، والمنع النهائي لترويج لحوم مجهولة المصدر في الأسواق الوطنية، لكن كلام المسؤولين يبقى غير مطمئن، والجواب الذي ورد على لسان الوزير المنتدب في الداخلية، نور الدين بوطيب، يدخل في هذا السياق، إذ رمت وزارة الداخلية الكرة في ملعب المنتخبين، بعدما قال إن إحداث المجازر وتجهيزها من صلب اختصاصات الجماعات الترابية، سواء قروية أو حضرية. ولا يخفي الوزير وجود لوبي يتحدى الحكومة في هذا الصدد، إذ قال إن تدخل الحكومة لتوقيف بعض المجازر أدى إلى انتفاضة أصحابها لتتوقف أشغال الإصلاح..
“معظم المجازر في حالة بئيسة، وتغيب عنها المواصفات الصحية”، هكذا لخص بوطيب وضعية المجازر الوطنية، كما أكد أن عمليات المراقبة لا تكفي.. ليبقى المنفذ هو سلوك المواطن، الذي يجب أن يتعلم فرض شروط السلامة عند شراء ما يلتهمه من لحوم، سواء كانت طازجة أو مطهية.. والشكر موصول لمن يفضلون اتباع نظام غذاء نباتي، يجنبهم مخاطر اللحوم بجميع مشاكلها، على الصحة والقلب، والضمير.