لم يتخل حزب العدالة والتنمية عن موقف “المواجهة” في سجالات “تقنين الكيف”، فعلى امتداد فترات التداول البرلماني سار التنظيم خارج دائرة الإجماع، وبقي منفردا بعدم وضع تعديلات والتصويت ضد المشروع.

ومازال خلاف كبير يسود داخل حزب العدالة والتنمية حول مشروع قانون القنب الهندي؛ وهو ما دفع الأمانة العامة للحزب إلى عدم تبني موقف واضح بالرفض أو القبول إلى حدود اليوم، لينعكس الأمر على الفريق النيابي.

ولعبت أذرع “البيجيدي” دورا كبيرا في تسجيل موقف الرفض، والبداية كانت بخرجة حركة التوحيد والإصلاح، التي طالبت بتوسيع دائرة النقاش حول القانون، وكذلك التريث قبل المصادقة النهائية.

وضغط عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، من أجل عدم التصويت لصالح مشروع قانون القنب الهندي؛ وسبق له أن جمد عضويته من الحزب، وأعلن مقاطعة عدد من “إخوانه” بسبب مصادقة حكومة العثماني على المشروع.

وقالت مصادر برلمانية إن “البيجيدي” احتفظ بمقاربته نفسها لمعالجة الموضوع، خصوصا المنطلقة من مرجعية دينية تعتبر “الكيف” حراما، رغم محاولات إقناعه بأهمية مشروع القانون على مستوى تنمية مناطق الزراعة.

عناد صبياني

أحمد عصيد، الكاتب والحقوقي المغربي، قال إن “تصويت البيجيديين في اللجنة البرلمانية ضد قانون الكيف هو ضرب من العناد الصبياني الذي لا يرقى إلى مستوى ممارسة السياسة بدراية وواقعية”.

والغريب، وفق المصرح لجريدة هسبريس، أن “النواب صوتوا من قبل على قوانين تشكل خطرا حقيقيا على مصالح المواطنين دون تردد، بينما يعاندون في موضوع ظهر عالميا أن فيه مصلحة للبلد وللسكان المزارعين الذين يعيشون ظروفا صعبة”.

وأضاف عصيد أن “مزايا استعمال نبتة الكيف أكبر بكثير من أضرارها، والإصرار على موقف المعارضة بعد الاطلاع على التقارير المغربية والدولية، وبدون تقديم أي تقارير مضادة موضوعية ومقنعة، هو نوع من المزايدة السياسوية التي لا طائل من ورائها”.

ويبدو، حسب الحقوقي المغربي، أن “الصراع السابق مع حزب البام الذي تزعم مطلب تقنين الكيف قبل سنوات جعل البيجيدي يتورط في موقف سيكولوجي غير عقلاني”.

كما اعتبر عصيد أن “إقحام الدين في الموضوع من المهازل الكبرى، لأن الموضوع لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالمرجعية الدينية ونصوصها”، وأكمل: “العدالة والتنمية وهو يرأس الحكومة استخلص ملايير الدراهم من ضرائب الخمور والمشروبات المسكرة دون أن يخوض في أي نقاش فقهي”، وزاد: “إنه غارق في التناقضات، وهو ملزم اليوم بالحسم في اختياراته بين ممارسة السياسة أو الدروشة والدعوة الدينية”.

موضوع شائك

نبيل الشيخي، رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، أورد أن فريقه سيحتفظ بنفس مقاربة النواب والأمانة العامة للموضوع، معتبرا أن توسيع النقاش بشأن مشروع القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي “الكيف” أمر ضروري لتفادي مشاكل محتملة.

وأضاف الشيخي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن الموضوع شائك ويقتضي تنويع زوايا النظر وشمولية المعالجة؛ لكن البداية ستكون بتقييم برامج تنمية مناطق الشمال منذ بزوغ فجر الاستقلال.

وأشار المستشار البرلماني عن “البيجيدي” إلى أن الطموح في مساهمة جزئية لمشروع القانون في تنمية مناطق معينة قد تكون له تداعيات أخرى عديدة، خصوصا أن الإنتاج الموجه إلى الطب والصناعة محدود.

وأكمل الشيخي تصريحه قائلا: “المنطقة تعاني مشاكل عديدة لعقود من الزمن، والمشروع عليه أسئلة كبيرة، ولا مبرر للسرعة التي يسير بها، خصوصا أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لا يزال يشتغل على الموضوع وسيصدر تقريرا حوله”.

hespress.com