بعد التقارب الدبلوماسي بينهما والتعاون الثنائي على مستويات عدة، تتجه الجارة الجنوبية موريتانيا إلى سحب اعترافها بـ”الجمهورية الوهمية” قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني.
وكانت موريتانيا أكبر متضرر من إقدام ميليشيات جبهة البوليساريو على إغلاق معبر الكركرات الحدودي ومنع وصول المواد الغذائية إلى أسواقها؛ إذ أثارت هذه الأزمة غضب سياسيين وبرلمانيين موريتانيين الذين طالبوا باتخاذ مواقف حازمة تجاه الانفصاليين.
وفي سياق التطور الإيجابي الذي تشهده العلاقات بين الرباط ونواكشوط، كشفت مصادر موريتانية أن الرئيس ولد الغزواني يتجه إلى اتخاذ قرار تاريخي يستند إلى “مرجعية الأمم المتحدة التي لا تعترف بالجمهورية التي أعلنتها البوليساريو وقرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة حول القضية”.
وذكر مصدر مسؤول، في حديثه لموقع “أنباء أنفو” الموريتاني، أن “جميع الحكومات التي توالت بعد حكومة الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيدالة، الموالي لجبهة البوليساريو، لم تكن راضية أصلاً عن قرار الاعتراف الذي وجدته أمامها وخشيتها أن يتسبب التراجع عنه في ردات فعل من البوليساريو بدعم عسكري جزائري، الجيش الموريتاني لم يكن-آنذاك-مجهزا عسكريا لمواجهتها”.
وأضافت المصادر ذاتها أن “موريتانيا عام 2021 ليست هي عام 1978، لقد أصبحت دولة قوية على المستوى الإقليمي وتم تصنيف مستوى تسلح جيشها الوطني في مقدمة جيوش القارة بعد أن كان في الفترة المذكورة خارج دائرة التصنيف”.
ويبدو أن الجارة موريتانيا تخلصت من ضغوطات النظام الجزائري الذي وقف في وجه التقارب مع المغرب، وقالت المصادر الموريتانية إن نواكشوط اليوم “قادرة على اتخاذ القرار التاريخي الذي يخدم مصالحها الجيوسياسية الاستراتيجية ومصالح استقرار وأمن المنطقة بأسرها بعيدا عن الضغوط وهيمنة الخوف”.
القرار الموريتاني، وفق المصادر ذاتها، سيصحح موقعها المحايد؛ لأنها كانت “غير محايدة في نظر القانون الدولي وفي العلاقات الدولية ومدلولاته القانونية والسياسية، لأن الاعتراف بكيان ما في القانون الدولي هو اعتراف بشرعيته وبحقه في الوجود قانونيا وسياسيا”.
وتعترف الجمهورية الإسلامية الموريتانية منذ الثمانينات بالبوليساريو، إلا أن هذا الاعتراف الرسمي لم يتطور إلى سفارة أو تمثيلية ديبلوماسية قارة للكيان الانفصالي في موريتانيا.
وغم الضغوط التي تمارسها جبهة البوليساريو والجزائر على موريتانيا، وتروم وضع عقبات تحول دون تطوير علاقاتها مع الرباط، إلا أن العلاقات الموريتانية المغربية عرفت منذ سنتين ونصف تقريبا تطورا متسارعا توج بالاتصال الهاتفي الذي جمع الملك محمد السادس بالرئيس ولد الغزواني.
ويرتقب أن يقوم الملك محمد السادس بزيارة تاريخية ثانية من نوعها إلى الجارة الجنوبية، وهي الزيارة المرتقب أن تسرع وتيرة التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات. كما عبر الرئيس الموريتاني عن رغبته في زيارة المملكة بدعوة من الملك محمد السادس.
وعبر قائدا البلدين، وفق بلاغ للديوان الملكي في نونبر الماضي، عن “ارتياحهما الكبير للتطور المتسارع الذي تعرفه مسيرة التعاون الثنائي، وعن رغبتهما الكبيرة في تعزيزها والرقي بها، بما يسمح بتعميق هذا التعاون بين البلدين الجارين وتوسيع آفاقه وتنويع مجالاته”.