برشاقةِ أيّام الشّباب، يحومُ الحاج العمراني (62 سنة) حول أرضهِ “الفتيّة” التي زادتها الأمطار الأخيرة بهاء واخضراراً. في منطقة ازغيرة نواحي مدينة وزّان، يتشبّث هذا الجبليّ بغصنِ شجرة الزّيتون الموروثةِ عن أجدادهِ، “هذه السّنة لم يكن عطاءُ الأرضِ وفيراً”، يقول العمراني الذي يملكُ أكثر من 20 شجرة زيتون.

بدأ موسم جني الزّيتون في منطقة ازغيرة بإقليم وزان مبكّراً هذه السّنة. في جوّ “كرنفاليّ” بهيجٍ، يتسابقُ الفلاحون فيما بينهم لالتقاطِ حبّات الزّيتون التي تمرّدت وتساقطت واحتضنت الأرض المبلّلة. غيرَ بعيدٍ، تتعالى أصواتُ النّساء “الجبليات” إيذاناً بحلول موعد جني الزّيتون.

في أعلى قمم جبال منطقة “جبالة” عند بوابة الرّيف، ينكبُّ عدد من الفلاحين خلال هذه الفترة من السّنة على جني الزّيتون. يستعملون “السّقاط”، وهو عبارة عن عصا طويلة وحادّة تضرب بها الشّجرة بلطف لإسقاط ثمار الزّيتون. كما تستعمل النّسوة “اللقاط” لقطف حبّات الزّيتون المتساقطة على الأرض.

“نهار كانسقطو الزّيتون كايكون عدنا عيد”، يقول الحاج العمراني بحماسٍ بادٍ على محيّاه. ومعروف أنّ إقليم وزان الأوّل وطنياً على مستوى إنتاج الزّيتون. وعلى الرّغم من أجواء “كورونا”، تمرّ عملية جني الزّيتون في ظروفٍ يغمرها الحماسُ والانشادُ والطّرب.

ويؤكّد عبد الرحمان مومني المزكلدي (نسبة إلى منطقة مزكلدة، تبعد عن وزان بحوالي 40 كلم) أنّ “ثمن اللّتر الواحد من زيت الزيتون يصل إلى ما بين 50 و55 درهما”، بينما يصل ثمن الزّيتون إلى ما بين 5 و6 دراهم للكيلوغرام حسب الجودة.

ويضيفُ مومني في تصريح لجريدة هسبريس الالكترونية أنّ “ضعف الأمطار ساهم في جعل عطاء هذا الموسم متواضعاً”، مورداً أنّ “منطقة زغيرة التّابعة لإقليم وزان تعتمد كلّيا على الأمطار في العملية الفلاحية، بحيث إنّ 3% فقط من سكان المنطقة يعتمدون على السّقي لزراعة الزيتون”.

وأوضح الفلّاح والمتقاعد أنّ “وضعية الفلاّح متأزمة، وغالبية الفلاحين ينتظرون موسم جني الزّيتون لما يمثّله من تقليدٍ سنويّ تحضر فيه الفرجة، وهو مناسبة لشراء مقتنيات الفلاحة من ملح وأسمدة”، مؤكّداً أنّ “بعض الفلاحين استفادوا من دعم وزارة الفلاحة والبعض الآخر ظلّ يقاتل لوحده”.

ويشير المتحدّث إلى أنّ “كبار الفلاحين يشترون المحصول بأكمله من عند الفلاحين الصّغار ويعاودون بيعه بأثمنة كبيرة”، مبرزاً أنّ “الطّاحونة التقليدية في منطقة جبالة لم تعد حاضرة بقوة نظراً إلى أنّها تأخذ وقتا طويلاً في طحن الزّيتون، عكس الطاحونة الحديثة التي تسهّل عملية الطّحن”.

ويبرز الفلاح ذاته أنّ “موسم جني الزّيتون يدوم لأشهر”، مضيفاً أنّ “العملية تقوم على التّساقطات المطرية، فكلما جادت السّماء بالأمطار كان الموسم الفلاحي ممتازاً، والعكس صحيح”، داعياً السلطات إلى الاهتمام بوضعية الفلاح الصّغير.

hespress.com