يرى محمود التكني، أستاذ التعليم العالي بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، أن موقف ألمانيا وإيران بشأن القرار الأمريكي القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء عبارة عن “جعجعة بلا طحين”، مؤكدا أن مطالبة برلين بإدراج القرار بأروقة الأمم المتحدة لمناقشته مجانب للصواب، بداعي أن “القرار الأمريكي سيادي وقانوني، ومنبثق عن قناعة بعد عقد من التريث”.

وقال التكني، في مقال خصّ به هسبريس، إن “القرار الأمريكي ليس وليد الصدفة؛ فقد برز ضمنيا منذ إدارة بيل كلينتون بتأييدها مبادرة الحكم الذاتي، وأيده كذلك الرئيس أوباما، ثم توّج بقرار رئاسي في عهد ترامب، وزكّته إدارة بايدن”، ثم أردف: “هذا من حيث الشكل؛ أما موضعا فهو يصب في إطار تسوية الملف بحل سياسي متوافق عليه، ألا وهو الحكم الذاتي الذي جاء عبر مبادرة ملكية سامية سنة 2007”.

وأضاف الباحث في قضية الصحراء المغربية أن “الموقف الإيراني ليس غريبا؛ لأنه يرجع إلى الإرث التاريخي المشحون بين إيران والمملكة الشريفة، حيث يدخل ضمن العداء الذي سبّبه استضافة الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه للشاه بعد انقلاب الخميني على الملكية”، متسائلا باستنكار: “كيف لا يستقبل الشاه- رغم أن هذا يبقى شأنا داخليا- وهو ملك انقُلِبَ على حكمه؟”.

وتابع بأن “جلالته طبق قولة “ارحموا عزيز قوم ذل”؛ وهذا من منطق إنساني، ما يفسّر العداء، بينما يتمثل السبب الثاني في منطق “صديق عدوي عدوي”، وهذا منطق خاطئ هو الآخر، حيث لم تخف أبدا إيران المارقة، مقننة الزنا بزواج المتعة المتحور ومبيحة التحول الجنسي، عداءها للمملكة قط، حيث قام أفراد من جيش- وليس مقاومين كما يدّعون- أذنابها بتدريب مرتزقة البوليساريو فوق التراب الجزائري”.

واعتبر الباحث السياسي هذه الخطوة “عداءً واضحا لمصالح المملكة؛ لأن حق تقرير المصير الذي انبثق من حقوق الأقليات كشرط أساسي لتحقيقه ينتفي في الصحراء المغربية خصوصا، نظرا لغياب الإجماع حول تمثيلية القبائل في القيادة، فالمكون السكاني بالصحراء المغربية مزيج من القبائل التي تجوب كل الصحراء بحثا عن الكلأ والماء لماشيتها وإبلها، بل تتناحر في ما بينها في ما يسمى ضمن الثقافة الحسانية بالغزي”.

واسترسل: “بهذا، فإن حق تقرير المصير غير وارد في هذا الملف المفتعل، إلا أن الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه قبل بمخطط المبعوث الأممي بإجراء استفتاء حول الصحراء بتاريخ 14-15- 16 من سنة 1997 بهيوستن الأمريكية، حيث تم الاتفاق على معايير تحديد الهوية؛ وبما أنه اتفاق برعاية الأمم المتحدة فإنه يلزم أطراف النزاع المغرب والبوليساريو”.

ومضى شارحاً: “إلا أن عملية تحديد الهوية سادتها خروقات عديدة من الطرف الآخر؛ ولكي لا أفتري على البوليساريو، وهذا ليس من عادتي فإنه سبق أن حددت هويتي أمام اللجنة الأممية سنة 1999 بمكتب الرباط ضمن لوائح قبائل H61، حيث كان ممثل البوليساريو رجل يدعى محمد نافع ولد الجلالي من قبيلة أيت وعبان، كان عمره آنذاك لا يتجاوز الأربعين سنة”، متسائلا: “كيف لأربعيني أن يحدد هوية الشيوخ الكهول الذين تتجاوز أعمارهم السبعين سنة، وربما الثمانين أو أكثر، وهو خرق واحد من بين عدة خروقات من طرف البوليساريو”.

واستطرد: “كان ممثل المغرب في اللجنة الأممية الرجل الوطني الذي أعطى الكثير للوطن وبلى بلاءً حسن محمد صالح التامك، مبرزا أنه “تمت عرقلة الاستفتاء حول تقرير المصير من طرف البوليساريو نفسها. ونظرا لتوقف عملية تحديد الهوية فهذا الخيار أصبح متجاوزا، ولا يعنينا أصلا في الوقت الراهن؛ لأن الأحداث تتسارع والمواقف صححت بعدما أجمع المنتظم الدولي حول جدية المبادرة الملكية للحكم الأمني كحل سياسي متوافق عليه، توج مؤخرا بالقرار القانوني الأمريكي”.

وخلص الباحث الجامعي إلى أن “موقف برلين مجرد تغريد خارج السرب، فلا أحد ينكر أن ألمانيا قوة اقتصادية عالمية؛ لكن ليس لها تأثير سياسي بالمنتظم الدولي. وإذا لم تكن حاضرة في الملف الليبي فهذا لا يبرر موقفها الأرعن الذي لن يؤثر في عدالة قضيتنا الوطنية؛ لأن المغرب، والحمد لله، سيد قراراته ولا ينتظر الضوء الأخضر من أي طرف لاتخاذها في إطار دبلوماسي هادئ غير مندفع، بفضل تعليمات وتوجيهات صاحب الجلالة نصره الله وأيده”.

hespress.com