الأحد 2 ماي 2021 – 10:00
يعتبر الباحثون المزولة الموجودة في صحن جامع القرويين بفاس، المثبتة على واجهة أحد الأعمدة المطلة على النافورة المائية التي تتوسط صحن الجامع، واحدة من أقدم الساعات الشمسية المحفوظة بالمغرب، والتي مازالت على حالها صامدة أمام تقلبات الدهر.
وصنعت الساعة الشمسية لصحن جامع القرويين على لوح من الحجر الجيري، تم تقسيمه إلى عدة أقسام تمثل ساعات النهار من الخامسة صباحا إلى السابعة مساء. كما تحيط بهذه المزولة نقوش لأبيات شعرية كتبت بالخط الكوفي، جاء في واحد منها: “حقق جديد الوقت من ساعاتنا .. عندي المراد وعزة لأمناء”.
يقول مؤقت مدينة فاس، عبد السلام الجميلي، إنه، كما أورد ذلك المؤرخ عبد الهادي التازي في “كتابه جامع القرويين، المسجد والجامعة بمدينة فاس، موسوعة لتاريخها المعماري والفكري”، تم صنع هذه الساعة في عهد الملك الحسن الأول (1290-1311)، و”كان السيد الذي عهد إليه العاهل صنعها المؤقت المعدل الجيلالي الرحالي المكناسي)”.
وأضاف المتحدث ذاته، في حديث لهسبريس، أن المزولة الشمسية لصحن جامع القرويين، التي ترتفع عن سطح الأرض بحوالي مترين، مقسمة إلى 12 ساعة، وكل ساعة مقسمة إلى أجزاء تشير إلى الدقائق، مبرزا أن هذه المزولة مازالت تضبط الوقت بشكل دقيق إلى اليوم.
وأوضح عبد السلام الجميلي، أستاذ علم التوقيت، أن الساعة الشمسية لصحن جامع القرويين يتوسطها شاخص من المعدن تنعكس عليه أشعة الشمس طيلة النهار، فيسقط ظله على رقم معين يشير إلى ساعة اليوم، مشيرا إلى أن خط الزوال يقسم المزولة إلى نصفين، فمن يساره توجد ساعات ما قبل الزوال وعن يمينه ساعات ما بعد الزوال.
وأوضح أستاذ مادة التوقيت أن المزولة الشمسية لجامع القرويين، على غرار باقي الساعات الشمسية التي كانت تميز معظم المساجد العظمى بالمغرب، كانت الوسيلة المعتمدة لضبط وقت الآذان، وهو ما يدل، وفقه، على أن المغاربة كانوا يعطون، منذ القدم، أهمية بالغة للزمن، سواء المتعلق بإقامة الصلوات أو المخصص لتدبير حياتهم الدنيوية.
وأكد المتحدث ذاته أن لهذه المزولة قيمة تاريخية مهمة، ما يستدعي الحفاظ عليها كرمز من رموز الذاكرة الثقافية المغربية الأصيلة، مبرزا أن اهتمام المغاربة بالساعات الشمسية يدل على المكانة التي كانوا يولونها لعلم التوقيت والفلك منذ أمد بعيد.