راسل الناشط الحقوقي شكيب الخياري البرلمان بغرفتيه، مقدما مقترحات بشأن مشروع القانون رقم 31.21 المتعلق بالاستعمالات الإيجابية للقنب الهندي.

الخياري، الذي تخصص في موضوع القنب الهندي منذ أكثر من 14 سنة، قال إن مشروع القانون سالف الذكر “يعتبر، بالنظر لمختلف أبعاده الوطنية والدولية، خطوة جريئة ومهمة وضرورية ستفتح آفاقا واعدة من أجل تنمية المناطق التي تشهد زراعة الكيف وستساهم بشكل أساسي في حل جانب مهم من الإشكاليات القانونية التي تطرحها وستحد إلى حد كبير من الآثار المضرة بالبيئة من جراء سوء تدبير هذه الزراعة”.

وأكد الخياري أنه “وإلى جانب كل ذلك فهي ستساهم بشكل كبير في القضاء على تسريب هذه النبتة ومستخلصاتها إلى مجال الاتجار غير المشروع بالمخدرات، حيث سيوفر ذلك طريقا ثانيا للمزارعين من أجل تسويق إنتاجهم عبر قنوات قانونية وتمنح لهم بالتالي إمكانية فك ارتهانهم للشبكات الإجرامية المتاجرة في المخدرات”.

واعتبر الحقوقي، في رسالته، أن “سياسة الزراعات البديلة التي تنبتها الدولة والتي دعت إليها هيئة الأمم المتحدة وحاول الاتحاد الأوروبي دعمها لم تأت أكلها”، قائلا إنه قد سبق للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات التابعة لهيئة الأمم المتحدة أن أكدت من خلال تقريرها الصادر سنة 2005 (E/INCB/2005/1) أن هذا النهج “الضيق والآلي المتبع سابقا، على امتداد السنوات، أقل فعالية من المتوقع”، مضيفا أن “المجتمع الدولي تعتريه بين الفينة والأخرى “حالة نفاد صبر” فيما يتعلق بالوقت الطويل اللازم لتحقيق نتائج من خلال برامج التنمية البديلة”.

وقال الخياري: “وأود في هذا السياق أن أثير انتباهكم إلى أن تنظيم زراعة واستغلال الكيف للأغراض الطبية والصناعية يعد هو الهدف الأساسي من الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 بصيغتها المعدلة ببروتوكول سنة 1972”.

واعتبر المتحدث أن “السياسة التي انتهجها المغرب في مجال المخدرات والمتماهية مع سياسات جل دول العالم، والتي عنوانها البارز هو “الحرب على المخدرات، قد أبانت عن فشلها في تحقيق أهداف هذه الاتفاقية بالنظر إلى محدودية نتائجها وكذا انعكاساتها السلبية على مجتمعات مزارعي النباتات التي تستخلص منها المواد المخدرة”.

واستند الخياري على تصريحات لأناند غروفر، المقرر الأممي الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، الذي أكد، في تقريره المقدم إلى الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة سنة 2010، فشل هذه الحرب، حيث ذكر في التقرير ذاته أنه “من المؤسف أن النهج الحالي لمكافحة المخدرات على الصعيد العالمي يتمسك بأن المخدرات شرّ لا جدال فيه، وأنه يقع على المجتمع الدولي واجب مكافحته ومواصلة اعتماد نهج عدم التسامح إطلاقا، حتى وإن بدأ يتَّضح على نحو متزايد عدم فعالية هذه السياسات في الحد من عرض المخدرات والطلب عليها”، مضيفا: “لذا، فشل هذا النهج ليس فقط في تحقيق غرضه الرئيسي المعلن، أي منع الأضرار الصحية الناجمة عن تعاطي المخدرات، وإنما أيضا في تنفيذ مكافحة حقيقية للمخدرات”.

وقال الحقوقي المغربي إن هذا المقرر الأممي أكد في التقرير ذاته على الفجوة الكبيرة التي تفصل “الدول النامية” عن “البلدان المتقدمة” فيما يتعلق بالولوج إلى الدواء المستخلص من النباتات التي تضم المواد الخاضعة للمراقبة الدولية؛ وهو ما ينبغي تجاوزه بفتح المجال أمام الاستعمالات الطبية لها، حيث ذكر أنه “ثمة ملايين الناس في أنحاء العالم بحاجة إلى أدوية أساسية لأنهم يشكون الألم… بيد أن توافرها غالبا ما يكون محدودا بسبب اللوائح التقييدية للمخدرات، والإخفاق في تنفيذ نظام سليم للتوريد والتوزيع، وعدم كفاية قدرة نظام الرعاية الصحية”.

ونبه شكيب الخياري إلى أن هناك فجوة تنذر بالخطر بين العالم المتقدم والعالم النامي فيما يتصل بتوريد الأدوية الأساسية؛ إذ وعلى الرغم من أن العالم النامي يشمل حوالي نصف مرضى السرطان في العالم وجلّ الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية، فإنه لا يستهلك سوى 6 في المائة من إمدادات المورفين المشروعة، وتستهلك أمريكا الشمالية وأوروبا حوالي 89 في المائة من كل الأدوية الخاضعة للمراقبة القانونية، بما في ذلك المورفين.

وقال الفاعل الحقوقي ذاته إنه قد اعترف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في قراره 2005/25 بالحاجة إلى إزالة الحواجز التي تحول دون الوصول إلى المواد الأفيونية المسكنة للألم، وقد خلصت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات باستمرار إلى أن توافر الأدوية الأساسية الخاضعة للمراقبة محدود للغاية في كثير من البلدان.

وعلى المستوى الوطني، قال الخياري إنه قد سبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سنة 2017 أن أوصى بالاستفادة من “الكيف” باعتباره من ضمن “الثروات التي تزخر بها السلاسل الجبلية المغربية”، مؤكدا أن هذه المناطق قد سجلت “تأخرا كبيرا في مجال التنمية السوسيو-اقتصادية ولم يتم استغلال إمكاناتها على الوجه الأمثل، عبر إستراتيجيات ملائمة من شأنها تحقيق الاستغلال الأمثل لهذه الثروات وتوفير الدخل لفائدة السكان المحليين”.

وفيما يتعلق بالاستعمال الترفيهي للكيف، قال الخياري إن تشريعه يخالف مقتضيات الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 بصيغتها المعدلة ببروتوكول سنة 1972، “حيث انتهت فترة السماح به استثنائيا وفق ما تنص عليه المادة 49 من الاتفاقية التي جاء فيها أنه “يلغى وجوبا استعمال القنب في الأغراض غير الطبية أو العلمية، في أقصر وقت ممكن، على أن يتم ذلك بأية حال في غضون 25 سنة من نفاذ هذه الاتفاقية وفقا لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 41″، وفي تقريرها الصادر سنة 2020 أكدت المنظمة الدولية لمراقبة المخدرات أنه “من جديد أن إباحة الاستعمال غير الطبي وغير العلمي للعقاقير المخدرة الخاضعة للمراقبة يشكل انتهاكا لاتفاقية سنة 1961 بصيغتها المعدلة، التي تقصر استعمال المواد الخاضعة للمراقبة على الأغراض الطبية والعلمية، واتفاقية سنة 1988 التي تلزم الدول الأطراف بأن تجرم مجموعة واسعة من الأفعال المتصلة بإنتاج المواد الخاضعة للمراقبة وتوزيعها تجاريا بطريقة لا تتفق مع اتفاقية سنة 1961 بصيغتها المعدلة”.

hespress.com