نعى المسرحي نبيل لحلو الصحافي البارز الراحل خالدا الجامعي، قائلا إن مقالاته في جريدة “لوبينيون” تبقى شاهدة “على نزاهته الفكرية، وصدقه كصحافي”، بعدما “لحق بباقي النساء والرجال الذين ناضلوا من أجل بلدهم، المملكة المغربية، حتى يكون فعلا أمة كبيرة، مستقلة، حرة، ومزدهرة”.

ويزيد المسرحي المغربي: “كما تظهر الحوارات العديدة التي أجرتها معه العديد من المواقع الإلكترونية إلى أي قدر أحب بلده، وأراده أن يكون مختلفا عما فعله به المخزن”.

وفي شهادته حول الصحافي البارز الراحل خالد الجامعي، كتب لحلو أنه “ثار بعمق ضد المخزن”؛ الذي وصفه بـ”الجانب غير المرئي، المخفي، العتيق، الإقطاعي، والوجه القبيح” للحكم، مضيفا أنه الجانب الذي “يفرمل آمال الملكية نفسها”.

ويصف لحلو الجامعي بكونه “رجلا حرا، صحافيا حرا ومستقلا”، ويعود إلى سنة 1973 عندما اعتقلته الشرطة، “لنشره في الصفحة الأولى لجريدة “لوبينيون” صورة تظهر صاحب السمو الملكي، ولي العهد سيدي محمد، وأخاه، صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وهما ينظرانِ أطفالا، جالسين على الأرض، مادين أيديهم …”.

ويضيف الكاتب: “إذا كان ملتقط الصورة، حمادي العوفير، قد أطلق سراحه، فإن خالدا الجامعي قد أمضى شهورا عديدة لدى الشرطة، دون حكم. وسيجد حريته مجددا بفضل تدخلات شخصيات مغربية لدى الملك الحسن الثاني، الذي كان لا يزال تحت وقع صدمة خيانة جنرالاته”.

ويذكر لحلو أن الجامعي، قبل أن يصبح صحافيا في جريدة “لوبينيون” ثم رئيس تحريرها، كان يعمل في مكتب محمد الفاسي، أول وزير ثقافة في المملكة المغربية؛ وهي الوزارة التي خلقت سنة 1969.

ويعود المسرحي إلى بداية شهر يناير من سنة 1970، حين التقى خالدا الجامعي في مكتبه بوزارة الثقافة، لما كان يبحث عن دعم لعرض مسرحيته “Les tortues”، وبفضل دعمه المعنوي والمادي عرضت في مسرح محمد الخامس، قبل أن تُمنَع رسميا. هنا، يسجل نبيل لحلو أن هذا المنع “صدم، وأثار حفيظة خالد الجامعي، فندد بالأمر في مقال ساخر نشرته “لوبينيون”. كما تجدد دعمه في مسرحية أخرى، كان مصيرها المنع أيضا.

وفي مارس 1971، العام الذي وجد فيه التشكيلي البارز جيلالي الغرباوي ميتا، مغطى بالثلج في مقعد عمومي بباريس، بعدما نزلت الحرارة إلى أقل من 7 درجات تحت الصفر، يقول لحلو: “نعاه الجامعي عن طريق صفحة كاملة نشرتها “لوبينيون” (…) وشاركت وحسين قدري في النعي. واستطاع خالد الجامعي أن يقنع الوزير محمدا الفاسي بأن يعاد إلى المغرب ويدفن به”.

ويعود لحلو إلى السنوات التي سُيّرت فيها البلاد نحو “ديكتاتورية”، سميت “سنوات الرصاص”، بسياسة “تفضل ازدهار الجهل، والفقر المادي، والثقافي، والروحي، والديني”، ليقول “هو بؤس، في كل المناحي، يستمر في إحداث الخراب، في بلد لا يستحق على الإطلاق أن يكون على ما هو عليه”.

ويضيف: “طيلة هذه العقود السوداء والمخجلة، أخذ خالد الجامعي قلمه ليحارب التجاوزات والظلم، تمسّك، ولم يفشل أمام روحه وضميره”.

ويختم نبيل لحلو نعيه بقول: “خالد الجامعي، هذا الملَكي السلمي والواعي، يغادرنا نهائيا. لقد صعد، سعيدا وفخورا، عند الله، الذي استقبل، منذ 11 ماي الماضي، عبد الله زعزاع، الجمهوري السلمي والهادئ، الجمهوري حتى مماته”. قبل أن يجمل قائلا: “عند الله، يوجد حبّ لكل الناس، وكل من كنّ وكانوا صالحين في حياتهم”.

hespress.com