نتنياهو وحماس و"القوالب الانتخابية"
صورة: أ.ف.ب

سعيد ابن عائشةالأحد 16 ماي 2021 – 20:19

“باسم الله وعلى بركة الله وبأمر من القائد العام، ينطلق الآن الصاروخ الأكبر في تاريخ المقاومة الفلسطينية ليضرب في هذه اللحظات مطار رامون الدولي الصهيوني. الصاروخ هو صناعة محلية فلسطينية ويحمل بصمات القادة الشهداء”.

مثل هذه الجمل كانت تغزو مواقع التواصل الاجتماعي لإعلان إطلاق “صواريخ المقاومة” في اتجاه اسرائيل، وقد تحولت المقاومة في هذا الزمن من حرب على الميدان إلى “تنابز بالتغريدات” والتصريحات، لتصبح الحرب الإعلامية جزءا لا ينفصل عن الحرب الدامية. ولأن صواريخ العالم الافتراضي، المعلن عنها، لها تأثير كبير على الواقع العملي، فقد كانت أولى النتائج هي إعطاء دفعة جديدة أنعشت آمال نتنياهو الفاشل في تشكيل حكومة إسرائيلية بالبقاء حتى إشعار آخر، والذين يعرفون نتنياهو يعرفون أنه يجيد الانحناء للعاصفة في انتظار العودة من جديد، بعد أن ينجح في تشكيل “أسطورة” أخرى تمنحه حياة أخرى.

في إسرائيل، بالتزامن مع التنكيل بالفلسطينيين، كلف الرئيس رؤوفين ريفلين رئيسَ “هناك مستقبل” يائير لبيد بتشكيل حكومة بديلة، وذلك بعد فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومته عقب الانتخابات التي أجريت في 23 مارس الماضي، ولم تمنح نتائجها الأغلبية الكافية سواء لرئيس الوزراء نتنياهو أو للائتلاف الذي يضم منافسيه المختلطين.

فشل نتنياهو، ولكن شبح الفشل لم يغادر الساحة السياسية، لأن المكلف الجديد بتشكيل الحكومة، وهو صحافي سابق، ركز حملته على مهاجمة التاريخ الفضائحي لنتنياهو، ومع ذلك فقد أصر ربع الناخبين الإسرائيليين على التصويت لرئيس وزرائهم مرة أخرى. ورغم حربائيته، إلا أنه يتفاخر ضد خصومه بإعادة إحياء تطبيع دول عدة مع إسرائيل بعدما كانت القطيعة سيدة الموقف.

اليوم، يحاول نتنياهو البقاء، أو على الأقل قيادة المشهد السياسي إلى “بلوكاج”، في انتظار انتخابات أخرى، وتغيير المعطيات. لذلك، يسميه المتتبعون الساعة الرملية، والرهان هذه المرة على مزيد من “صواريخ المقاومة” ومزيد من التصعيد، لأن مصدر الخوف الذي يخشاه أمثال نتنياهو هو المعركة الدبلوماسية، أما التصعيد فهو قادر على توظيفه في سبيل البقاء، بإعلان تصعيد مضاد.

الضحايا الحقيقيون هم الفلسطينيون بالدرجة الأولى، وضحايا الدرجة الثانية هم الداعمون الحقيقيون وأنصار التضحيات الملموسة وأنصار السلام والمعارك الدبلوماسية التي تفوق في فعاليتها الحروب، ولكن نتنياهو يجيد التباكي لاستدرار عواطف الدول القوية، حيث يقول إن حركة “حماس”: “هاجمتنا في يوم عيد وهاجمت عاصمتنا وأطلقت الصواريخ على مدننا. سيدفعون ثمنا باهظا لقاء ذلك، فالأمر لم ينته بعد. سنفعل كل شيء من أجل استعادة الأمان لمدننا ولمواطنينا”، وكل هذا الخطاب يصب في النهاية في “قوالب انتخابية”، وأصحاب المعركة الدبلوماسية سيحتاجون بعض الوقت لكي يشرحوا للعالم أن مصدر العدوان الحقيقي هو إسرائيل.

الانتخابات العدوان المقاومة الفلسطينية بنيامين نتنياهو

hespress.com