استحوذ “نجوم البوز” على حيز كبير من النقاش الافتراضي بمواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة، بعد ظهور فئة من “اليوتيوبرز” تقدم محتويات رقمية بشأن “التحديات” و”القتالات” الخارجة عن المألوف، لتنضاف بذلك إلى ظواهر “روتيني اليومي” التي كانت محل جدل قبل أسابيع.
وأصبح هؤلاء “الناشطون الجدد”، المتوفرون على حسابات شخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، يحظون بتفاعلات متواصلة من لدن “المغاربة الافتراضيين” ويدرّون أموالا كبيرة؛ وهو ما تسبّب في “غضب” شرائح ثقافية وسياسية ومدنية كثيرة، نظرا إلى النسب المرتفعة التي تحققها تلك الصفحات.
ويخرق هؤلاء “اليوتيوبرز” كل أشكال الآداب العامة السائدة بالمجتمع المغربي، وكذا التشريعات القانونية المخصصة لحالة “الطوارئ الصحية”، حيث يتنقل بعضهم صوب مدن أخرى خلال الفترات الليلية دون حيازة ورقة التنقل الاستثنائية، من أجل الدخول في “معارك ثنائية” تهدد سلامتهم الشخصية.
تبعا لذلك، باتت المضامين المتداولة عبر “الشبكات الرقمية” تسعى إلى خلق “البوز” بأي وسيلة كيفما كانت طبيعتها، دون مراعاة القواعد القانونية والأخلاقية المؤطرة لشرائح واسعة من المجتمع؛ الأمر الذي يستدعي، حسب كثيرين، تعزيز المدارك الثقافية للأجيال الجديدة التي لم تعد مهتمة بالقضايا السياسية والاقتصادية التي تستأثر باهتمام إعلامي واسع.
وفي هذا الصدد قال عبد القادر مانا، الباحث الأنثروبولوجي، إن “المجتمع المغربي الحالي تغير كثيرا بالمقارنة مع العقود السابقة، نظرا إلى انتشار الوسائل التكنولوجية الجديدة التي أتاحت للجميع التعبير عن آرائه وأفكاره، بعيداً عن المقاربة الأحادية التي وسمت البلاد طيلة سنوات، حيث كانت أجهزة الدولة هي المصدر الوحيد للمعلومة”.
وأضاف مانا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الرقمنة كرست التعددية بالمجتمع؛ ما جعل الشباب المغاربة يرتمون في أحضانها، غير أن السهولة التقنية أدت بطبيعة الحال إلى بروز ظواهر إعلامية مثيرة للجدل، لا تعجب شرائح مجتمعية كثيرة، اعتباراً للرسائل التي تحملها”.
وأوضح الكاتب المغربي أن “هذه النوعية من الأشرطة المرئية ستبقى دائما رفقة الأجيال الجديدة التي تحبّ الموضة، وتسعى إلى تكثيف العملية التواصلية؛ ما يجعلها تنتج تلك الفيديوهات الطاغية في مواقع التواصل الاجتماعي، التي يغيب عنها العمق الفكري الذي تتيحه المقالات الإخبارية والكتب الثقافية”.