قال أحمد اليعلاوي، المدير الإقليمي لوزارة الثقافة بتطوان، إن “جائحة كورونا أثرت على الحركية الثقافية، وتسببت في قطع مورد رزق العاملين بالمهن الثقافية والمهن المرتبطة بها، بعدما فرضت تعليق جميع الأنشطة الثقافية”، مما تطلب ضرورة البحث عن بدائل لدعهم، وتحفيزهم على مواصلة الإبداع والإنتاج الثقافي.

واعتبر اليعلاوي، خلال مداخلته في الندوة الرقمية التي نظمتها جماعة تطوان مساء الاثنين بعنوان “الوضع الثقافي والرهانات المطروحة ما بعد الجائحة”، أن طرح بديل التنشيط الثقافي عن بعد، في إطار مبادرة لوزارة الثقافة، إثر تعليق العمل بالفضاءات الثقافية، “كان فرصة لتجريب إمكانيات جديدة تتيحها وسائط تكنولوجية رقمية”.

وأكد المتحدث ذاته أن “آليات الرقمنة أعطتنا إمكانية التواصل”، مضيفا أن “مجموعة من الأنشطة الثقافية تمت برمجتها بصيغة رقمية، ولقيت تجاوبا كبيرا”، مشيرا إلى أن المديرية الإقليمية استطاعت خلق حلقة وصل مع الجمهور رغم ظروف الجائحة، مؤكدا ضرورة متابعة الاشتغال بهذه الآلية، “خاصة بعدما اسْتُنْفِدتْ ميزانية هذه السنة”، يقول اليعلاوي.

من جهته، يرى المهدي الزواق، مدير المعهد الوطني للفنون الجميلة، أن الثقافة في زمن “كوفيد-19” عرفت تحولات جذرية، تسببت في ركود ثقافي مهول، مرجحا أن تكون “الوضعية الطبيعية بعد الجائحة مغايرة للوضعية الطبيعية السابقة”، موصيا بضرورة التأقلم مع المعطيات الجديدة لتقديم منتوج ثقافي وفني وترفيهي يتماشى مع المتغيرات.

واعتبر الزواق أن “الثقافة لا يمكن أن تعيش إلا بالجمهور، غير أن الجائحة قطعت هذا الحبل رغم أن أنشطة متعددة تم تنظيمها عبر آليات الرقمنة، كمهرجان العود الدولي”، مشددا على أن “الأنشطة الحضورية تحقق التفاعل بين الفنان والجمهور، فيما المتابعة وراء الشاشة لا تحقق القدر نفسه من المتعة” بحسب رأيه، داعيا إلى البحث عن حلول تتيح هذا الخيار، وتحترم التدابير الاحترازية والوقائية.

واقترح مدير المعهد الوطني للفنون الجميلة إتاحة خيار حضور الأنشطة الثقافية وفق شروط وقائية تحفظ سلامة الجمهور، على غرار ما اتجهت إليه بعض الدول الأوروبية، كألمانيا، “بالسماح بحضور عدد محدود من المتابعين، في إطار احترام التباعد الاجتماعي، وبقية الشروط الوقائية”، وذلك “لأن الحضور يجسد إحساسا مختلفا ومتعة سامية”.

بدوره، شدد مخلص الصغير، مدير دار الشعر بتطوان، على ضرورة “قراءة الوضع الثقافي في ظل جائحة كورونا ضمن هذا المنعطف التاريخي الفاصل، وضمن إطار الصيرورة والتحول”، مشيرا إلى أن “الجائحة فرضت علينا تقديم المنتوج الثقافي عبر وسائط، وهي بذلك علمتنا أن ندوّن كل ممارسة ثقافية”، داعيا إلى رقمنة كل الإبداعات المستقبلية لتسجيلها وبثها لتكون متاحة للجميع.

وقال الصغير: “علينا أن نستفيد من الجائحة، ونسعى لبث كل الأعمال والأنشطة الثقافية رقميا، لأن تنظيمها بالفضاءات مرتبط بمحدودية المكان والزمان، فيما بثها للعموم يجعلها متاحة للجميع”، معتبرا أن “الثقافة مرتبطة بالحياة، فإن اختفت الحياة، انتفت الثقافة”، وزاد قائلا: “لقد نبهتنا الجائحة إلى أهمية الارتباط بالعالم الرقمي، لذلك، فلا بد من البحث عن وسائط جديدة ليكون هناك تداول لكافة المنتوجات الثقافية”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن تداول الثقافة يتطلب ابتكار آليات مختلفة لتمرير الفعل الثقافي، مشددا على ضرورة تجميع الرصيد الثقافي في كل المجالات على خطى الدول الرائدة في هذا المجال، خاتما بالقول: “نحن لا تنقصنا الثقافة في هذا البلد الأصيل، ولكننا في حاجة لثقافة الثقافة”، كناية على ثقافة التداول والترويج والتوثيق.

hespress.com