أعادت قضية الفتاة القاصر التي ظهرت في شريط مصور بث على مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث فيه عن تعرضها للعنف والاغتصاب، مسألة تعاطي هذه المواقع مع هذه الظواهر والكيل بمكيالين، إذ تكون متشددة في حذف الأشرطة المتعلقة بالأطفال؛ بيد أنها تغاضت عن هذا الشريط.

وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي، في الفترة الأخيرة، إلى فضاءات لنشر المشاكل الشخصية والاجتماعية وطلب المساعدة، إلى جانب تحولها إلى منصات لتصفية الحساب ومهاجمة هذه الجهة وتلك.

وفي هذا الصدد، اعتبر يوسف معضور، المتخصص في القضايا الاجتماعية، أن الانتقال من عرض المشاكل الاجتماعية والنفسية وطلب المساعدات الإنسانية بالطرق التقليدية المعروفة كالوقوف في الشارع العام أو عبر وسائل الإعلام التقليدية الأخرى كالراديو والتلفزة والجرائد الورقية إلى الافتراضي عبر المنصات الرقمية ومواقع التواصل راجع إلى “التحول الرقمي الذي عرفه المجتمع واستغلال الانتشار للمعلومة الذي يتم بشكل سريع وكذلك استغلال الجانب العاطفي الذي يغلب على غالبية رواد المواقع الاجتماعية”.

وشدد معضور، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن مواقع التواصل الاجتماعية الهدف من خلقها كمنصات كان هو تحقيق التواصل، فقط يبقى الاختلاف في الطريقة والغاية المراد الوصول إليها، مشيرا إلى أن الذين يعرضون حالاتهم الإنسانية وغيرها قصد طلب المساعدة “يمارسون نوعا من التواصل هدفه استهداف أشخاص محتملين لمساعدتهم بطريقة أو بأخرى”.

وانتقد الباحث المتخصص في القضايا الاجتماعية عدم حذف الشريط المصور الذي تظهر فيه الفتاة القاصر تحدثت عن تعرضها للاغتصاب من على موقع “يوتوب”، حيث اعتبر ذلك “تجاوزا من طرف إدارة الموقع التي تشدد كثيرا على عدم نشر صور القاصرين”.

ولفت يوسف معضور إلى أن هذا الأمر “قد يدخل الموقع في نقاش يتعلق بسياسة الكيل بمكيالين، وفتح تساؤلات حول الربح المالي الذي تجنيه القنوات التي تنشر أو تعيد نشر فيديوهات يظهر فيها القاصرون”.

ولعل هذا التطور في أشكال عرض الحالات وكذا تحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى فضاءات لعرض بعض “العاهات” يستلزم من لدن المختصين ووسائل الإعلام التعامل بنوع من الحذر، تفاديا لمزيد من إغراق هذه المنصات بظواهر مسيئة تعيش على حساب تفاعل المواطنين مع هذه الفيديوهات.

وكانت ولاية أمن فاس أكدت أن قضية الاعتداء الجنسي الواردة في الشريط “سبق أن شكلت موضوع بحث قضائي في شهر يناير من السنة المنصرمة، أي منذ أكثر من سنة تقريبا، وذلك بعدما تفاعلت خلية التكفل بالنساء ضحايا العنف بفاس مع شريط فيديو لوالد الضحية الذي أبلغ وقتها عن تعرض ابنته القاصر لاعتداء جنسي من طرف عمها وجارها، اللذين تم إخضاعهما لبحث قضائي برفقة سيدتين يشتبه في ارتباطهما بهذه القضية، قبل أن يتم تقديمهم أمام العدالة التي أصدرت أحكامها في هذا الملف، في الوقت الذي تم فيه إيداع الضحية وقتها بمركز لحماية الفتيات القاصرات بموجب مقرر قضائي بغرض التكفل بها”.

hespress.com