ما إن دخلت العلاقات الدبلوماسية المغربية الإسبانية منعطفا جديدا على خلفية استقبال إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي على أراضيها لدواع قالت إنها إنسانية، حتى انخرط المغاربة في حملة واسعة للرد على مدريد وقصفها بـ”سلاح المقاطعة”.
واختار عدد من نشطاء موقعيْ التواصل الاجتماعي “توتير” و”فيسبوك”، وتطبيق التراسل الفوري “واتساب”، إعطاء انطلاقة حملة المقاطعة بدءا بعرض أسماء وعلامات مجموعة من المنتجات الإسبانية والدعوة إلى مقاطعة شرائها واستهلاكها وترويجها في المحلات التجارية، خاصة ما يتعلق بالمواد الغذائية.
ولم يقف الأمر عند حد مقاطعة المنتجات الغذائية الإسبانية، بل توسعت الحملة الشعبية، في الآونة الأخيرة، لتشمل أنواعا محددة من الألبسة والأحذية والسيارات والآلات الكهربائية المنزلية… التي تصنع على الأراضي الإسبانية وتصدّر إلى المغرب، إضافة إلى مقاطعة التعامل مع الشركات الإسبانية بمختلف مجالات اشتغالها.
وبالنظر إلى المتابعة الكبيرة التي تحظى بها بعض التظاهرات الرياضية الإسبانية من طرف الجمهور المغربي، دعت حملة المقاطعة أيضا إلى تجنب متابعة الدوريات الكروية ومختلف الأنشطة الرياضية التي تقام على الأراضي الإسبانية، والتوقف عن متابعة مباريات الفرق الإسبانية طيلة فترة المقاطعة.
ولم يخرج قطاع السياحة عن دائرة المقاطعة، حيث دعا المتفاعلون مع الحملة، التي تتوسع يوما بعد يوم، إلى عدم زيارة إسبانيا بهدف السياحة والاستجمام والترفيه، خاصة من طرف المغاربة الذين دأبوا على قضاء فترات العطل وفصل الصيف في المناطق السياحية الإسبانية.
وحرص الداعون والمشاركون في الحملة على ترجمة عبارات المقاطعة إلى مختلف اللغات، وفي مقدمتها الإسبانية والفرنسية والإنجليزية، وذلك بهدف إيصال الفكرة إلى أكبر شريحة من المغاربة داخل وخارج أرض الوطن، وكل من يساند المغرب في قضيته ضد إسبانيا.
واستحضرت الحملة الأحداث الأخيرة التي عاشتها المناطق الواقعة بين مدينتين الفنيدق وسبتة المحتلة، حيث أكدت أن التعامل غير الإنساني الذي تعاملت به السلطات الإسبانية مع المهاجرين المتدفقين إلى سبتة المحتلة، مغاربة وأجانب، يدخل ضمن الأسباب الداعية إلى استخدام “سلاح المقاطعة” ضد إسبانيا.
ومن بين نداءات المقاطعة التي يجري تداولها بالعديد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تنبيه وصف بالهام، جاء فيه “كلنا مقاطعون للمنتوجات الإسبانية، ردا على استقبال إسبانيا لمجرم الحرب إبراهيم غالي، وردا على التدخل الوحشي في حق أبنائنا بمدينة سبتة المحتلة”.
وسجلت الحملة التناقض الواضح الذي وقعت فيه السلطات الإسبانية بخصوص الجانب الإنساني الذي تلوح به بين الفينة والأخرى، حيث أشار الواقفون وراءها إلى أن “استقبال زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية لدواع إنسانية” مجرد مبرر واه وزائف، والدليل على ذلك يتمثل في التعامل اللاإنساني الذي اعتمدته إسبانيا في مواجهة التدفق البشري السلمي بين الفنيدق وسبتة المحتلة.
وحمل المتفاعلون مع حملة المقاطعة المسؤولية إلى من سمح باستقبال زعيم جبهة “البوليساريو” الانفصالية على الأراضي الإسبانية عبر التزوير والتدليس وخرق القوانين والأعراف الدولية، مشددين على أن المغاربة لن يسمحوا بمرور الأزمة بين الرباط ومدريد مرور الكرام، إنما ستكون لهم الكلمة عبر مقاطعة كل ما يرتبط بإسبانيا إذا لم تسارع إلى تصحيح خطئها.
ودعت حملة المقاطعة الشركات الإسبانية المتضررة من هذه المبادرة الشعبية إلى الضغط من جهتها على السلطات الإسبانية من أجل تدارك الخطأ الدبلوماسي الذي وقعت فيه باستقبال “مجرم حرب”، خاصة بعدما كشفت مصادر إعلامية إسبانية أن إبراهيم غالي زار الجار الشمالي ستّ مرات، وفق المعلومات المسجلة لدى المخابرات الإسبانية، منها اثنتان همّتا جزر الكناري.