دعا نشطاء البيئة إلى إنقاذ جزء من غابة المعمورة يجاور حي الفيلات بسلا الجديدة، بعد أن شهد في الآونة الأخيرة تساقطا كبيرا لأشجاره، مما يهدد هذا المتنفس الطبيعي الذي تلجأ إليه الساكنة من أجل الرياضة والتنزه، خاصة خلال نهاية الأسبوع.

ويقول نشطاء البيئة إن هذه الغابة، التي تعتبر كنزا وطنيا، تتعرض للدمار والتخريب والفوضى جراء انتشار الأزبال ومخلفات الزوار، ناهيك عن السماح للسيارات باقتحام هذا الفضاء الإيكولوجي، بالرغم من وجود لافتة كبيرة وضعتها السلطات الوصية تشير بشكل واضح إلى منع إدخال السيارات.

وعاينت جريدة هسبريس الإلكترونية تعرض معظم أشجار الغابة المحاذية لحي الفيلات بسلا الجديدة إلى التآكل والسقوط، إضافة إلى تكسير أغصان الأشجار وترك النفايات داخل المنتزه. كما أن عملية إشعال النار للطهي في الفضاء الغابوي عرض كثيرا من أشجار البلوط الفليني بالمنطقة إلى الحرق والتلف من الجذور.

وقال محمد عبد الكريم صباح، رئيس جمعية “سليج معمورة” بسلا الجديدة، إن هذا الفضاء الإيكولوجي الذي تقصده الساكنة بشكل يومي “يتعرض للأسف لنوع من التدمير الهائل”، مشيرا إلى أن جزءا من هذا “التدمير يرتبط بالرعي الجائر”.

وأضاف الناشط ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “الساكنة تخشى أن يكون هذا التخريب غير مرتبط فقط بالرعي، بل لأغراض معنية”، داعيا السلطات الوصية إلى التدخل من أجل الحفاظ على هذا الإرث الوطني المسجل لدى منظمة “اليونسكو”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “شجرة البلوط الفليني إذا ماتت لا تعوض، وهذا التكسير الفظيع هو في الحقيقة عملية اجتثاث، ومع مرور الوقت سيصبح هذا الفضاء الغابوي أرضا قاحلة”.

ودعا السلطات إلى إنقاذ الغابة من التخريب، مشيرا إلى إن موقعها استراتيجي، حيث يقع بالقرب من مؤسسات استراتيجية من قبيل القصر الملكي وجامعة سلا الجديدة وفضاء تكنوبوليس ودار السكة وملاعب الرياضة.

من جهتها، حملت بلقاضي فتيحة، عضو جمعية “سليج المعمورة”، المواطنين جزءا من المسؤولية لكونهم لا يقدرون قيمة الفضاء الإيكولوجي الذي يتراجع شيئا فشيئا بالمغرب بفعل “غول” الإسمنت الذي يأتي على الغابات ويحولها إلى بنايات ومشاريع استثمارية.

ودعت الناشطة زوار غابة المعمورة إلى الحفاظ على البيئة، وعدم رمي الأزبال ومخلفات البناء، التي صارت ترمى أيضا داخلها، مضيفة أن هذا الوضع لم يعد يعكس الغابة بمفهومها الطبيعي.

نظام بيئي

وأوضح عبد الرحيم الهومي، الكاتب العام لقطاع المياه والغابات ومحاربة التصحر، أن المشكل الأساسي وراء تساقط أشجار الغابة هو طبيعي، مرتبط بالنظام البيئي لأشجار البلوط، مشيرا إلى أن بعض الأشجار بالفعل تآكلت أوراقها، لكن الوضع سيبدأ في التحسن ابتداء من شهر مارس المقبل.

وأضاف الكاتب العام لقطاع المياه والغابات ومحاربة التصحر، في تصريح لهسبريس، أن الأضرار التي لحقت بالغابة ترتبط باجتياح دودة “لاروقة” لغابة المعمورة، مشيرا إلى أن هذا الإشكال كان محط اهتمام يومي من قبل قطاع المياه والغابات، التابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري، والمصالح المختصة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.

وتابع قائلا: “ليست هذه المرة الأولى التي تعاني فيها غابات البلوط الفليني بالمعمورة، إذ يظهر هذا الإشكال المرتبط بالتحولات الطبيعية كل حوالي عشر سنوات، ونتعامل معه من أجل مساعدة الطبيعة على تحمل هذا الإكراه”، مضيفا أن السلطات الوصية تدخلت إبان الحجر الصحي من أجل معالجة هجوم الحشرة على غابة المعمورة. وأكد أن هذا الإشكال يوجد في جميع دول البحر الأبيض المتوسط، حيث تتعرض أشجار البلوط للتآكل.

وبخصوص الرعي الجائر، أوضح المسؤول ذاته أن “الاعتداء على الغابة من قبل أصحاب الرعي يكثر في وقت الجفاف، لكن الحمد لله تساقطت الأمطار، ولم يعد هذا المشكل قائماً كما كان من قبل”.

جدير بالذكر أن مساحة تمتد على 15 ألف هكتار من غابات البلوط الفليني بمنطقة الرباط سلا القنيطرة تعرّضت، خلال الأشهر الماضية، لأضرار في أوراق الأشجار بسبب اجتياح حشرة “لاروقة” المعروفة باسم”Lymantria dispar” .

وتُعتبر “لاروقة” من أشهر الفراشات في كثير من بلدان العالم، وهي تمثل جزءًا من النظام الإيكولوجي لغابات البلوط الفليني في المغرب، خاصة في غابة المعمورة، لكن يَرقاتها تقوم خلال مراحل انتشارها، العرضية أو الدورية، بأكل أوراق الأشجار خلال فصل الربيع، وتمتد أضرارها أحياناً إلى عشرات الآلاف من الهكتارات.

[embedded content]

hespress.com