أحالت الحكومة، مؤخرا، على مجلس النواب مشروع قانون جديد يخضع استغلال الملك العمومي للمنافسة. ومن المرتقب أن تشرع لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة في دراسته قريبا، بعدما أحيل إليها الأسبوع الجاري.
يتعلق الأمر بمشروع قانون رقم 03.19 حول الاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة، يروم توفير الحماية اللازمة للملك العمومي، ووضع قواعد تراعي خصوصية هذه الأملاك وتوجيهها نحو الاحتلال الأمثل والعقلاني، مع سن تدابير حمائية ضد جميع أنواع الاحتلال غير المشروع وغير الملائم للأغراض المرخص لها.
وبموجب المقتضيات الجديدة، سيتم سن قواعد خاصة للاحتلال المؤقت للملك العمومي عبر إخضاعه لمسطرة الإعلان عن المنافسة ودفتر التحملات، كما سيتم منع الترخيص بالاحتلال المؤقت من أجل إقامة واستغلال محلات للسكن الرئيسي أو الثانوي.
وجرى التنصيص ضمن هذا النص التشريعي على أن الترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة لا يخول للمستفيد الحق في تأسيس الأصل التجاري على هذا الملك. في المقابل، تمت الإشارة إلى أنه حين يتعلق الأمر بتدبير مفوض أو باستثمار أو بشراكة بين القطاعين العام والخاص، فإن العقود المبرمة هي التي تحدد طرق ومسطرة الترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة.
ويتضمن مشروع القانون الجديد أحكاما تقضي بمنح التعويض عن الضرر لفائدة أصحاب رخص الاحتلال المؤقت في حالة سحب هذه الرخص قبل انتهاء أجلها من أجل المصلحة العامة، وكذا وضع قواعد خاصة لعملية إرجاع الملك العمومي المحتل إلى الدولة، وفرض عقوبات مالية صارمة في حال الإخلال بمقتضيات هذا النص، دون الإخلال بالعقوبات الزجرية المنصوص عنها في قوانين أخرى.
وضمن المقتضيات الجديدة، تم التنصيص على أن الترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العمومي يمنح لمدة أقصاها 20 عاما قابلة للتمديد مرة واحدة وللمدة نفسها إذا تبين أن هناك ضرورة لاستمرارية النشاط موضوع الترخيص. أما المشاريع الاستثمارية التي تفوق قيمتها 200 مليون درهم، فيمكن الترخيص لها لمدة أقصاها 40 سنة قابلة للتمديد مرة واحدة وللمدة ذاتها.
ويمكن الاستفادة من الترخيص بدون تحديد المدة حينما يتعلق الأمر بالمرافق العمومية أو تهيئة مسلك رابط بين ملك مجاور وطريق عمومي، أو تهيئة ممرات للربط بين قطعتين أو أكثر مملوكة لشخص واحد، أو بربط القنوات العمومية بالسواقي لتصريف المياه عن الأملاك الخاصة أو لسقيها.
وكانت الحكومة قد صادقت على هذا النص التشريعي في مارس الماضي بهدف معالجة الإشكالات والنواقص المرتبطة بالترامي غير المشروع على الأملاك العامة وتطوير المساطر لتشجيع التوجه نحو الاستثمار عوض الاستغلال لأغراض شخصية.
وينظم الاستغلال المؤقت للملك العمومي حاليا بظهير شريف يعود إلى عهد الحماية الفرنسية، وبالضبط إلى 30 نونبر 1918، أي قبل 103 سنوات، وهو ما يجعل منه تشريعا غير مساير للتحولات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ولا يشجع على الاستثمار؛ الأمر الذي يضيع فرصا كبيرة من التثمين.
وتشكل الأملاك العامة رصيدا عقاريا مهما للدولة، وهي آلية من آليات الاستثمار وخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، نظرا للمميزات التي يختص بها هذا الملك، المتمثلة أساسا في كونه موضوع رهن تصرف العموم وغير قابل للتفويت.