الثلاثاء 4 ماي 2021 – 03:27
قد لا تسعفني فرحة ازدياد بنيتي سالمة؛ في بلورة ما يسطره انزعاج أبناء مدينة تجكجة مما تفوه به الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية ومرشحها لمنصب المفوض المكلف بالتعليم العالي والتكنولوجيا والبحث العلمي بالاتحاد الإفريقي، سيدي ولد سالم حول ترحيل جامعة تجكجة إلى مدينة أوفر مياها وأكثر مركزية. وقد لا يختلف اثنان بأن مرشحنا للتعليم العالي بالاتحاد الإفريقي قد خانته العبارة في هذه المناورة، وإلا فإنه بهذا المنطق المعتمد لديه ستكون حصة بلادنا موريتانيا من مشاريع الاتحاد الإفريقي في التكنولوجيا والتعليم العالي والبحوث طفيفة جدا إذا تم اعتماده مفوضا، بينما ستكون حصة الأسد من المشاريع ذات الصلة للدول الإفريقية التي لا تنتمي إلى دول جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا خلافا لجغرافية تموضع بلادنا، إذ وفق تقرير إحصائيات منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) حول المياه الصالحة للشرب، فإن ثلث دول العالم تعاني من ندرة المياه، وتعدُّ دول جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا أكثر الدول على وجه الأرض تضررا من مشكلة المياه.
ومهما يكن من مبررات للغضب، تلخصها محطات الظلم الاجتماعي التي تعرضت له مدينة تجكجة، بداية في دعمهم لعضوية أحمدو ولد حرمه في البرلمان على حساب منافسه الرئيسي الفرنسي إيفون رازاك، فقد استفحلت السيبة بفعل المستعمر الفرنسي كردة فعل على ذلك الدعم السياسي لحرمه ببانا علوي نكاية في تجكجة، وصولا إلى تعطيل مشروع إنشاء مطارهم الدولي في عشرية الرئيس السابق ولد عبد العزيز، ومؤخرا بمجاهرة رمز عشرية ولد عبد العزيز سيدي ولد سالم باختطاف جامعة تجكجة إلى مكان آخر، فلن تعبر هذه الفئة من الشعب الموريتاني عن غضبها واستنكارها لأي حالة من حالات الظلم، مهما كانت بتضييع هيبة القيادة الموريتانية في البلد، ولا تحدٍ عن طريق الفوضى الخلاقة نتيجة لسياسة التهميش والعصا والجزرة التي تمارس على مدينة تجكجة التي تستأثر على باقي المدن بجغرافيتها السياسية ومكانتها الاستراتيجية حتى زماننا هذا رغم التحديات، لذلك نقطة نظام يا أبناء تجكجة، نتصف فيها بالحكمة والصبر، لأن الظلم ساعة مهما طال ليله، والحق باقٍ يا خلق للساعة، ونحن لسنا معنيين بإفساد الهدنة السياسية التي يلتزم بها الطيف السياسي في البلاد لمجابهة فساد العشرية، واسترجاع الأموال المنهوبة، وقضاء الدين الخارجي، كما يريد لنا من يلعب هذه اللعبة من وراء ستار.
ولا شك بأن دعم مدينة تجكجة للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الذي توجد تربة والده فيها، لن يؤول عليها بما آل عليها مع المستعمر الفرنسي من ظلم وتهميش، ولا ما آل مع أبنائها من تصفية في المناصب واستهداف صريح بفعل الرئيس السابق ولد عبد العزيز في حقهم، كما لن يؤول باختطاف الجامعة منها ولا حتى استمرار قرار تعطيل مطارها الدولي وأزمة ندرة المياه، بل لقد بدأت البشائر تتوالى بالخير، ولم يتبقَ لنا إلا أن نكون سدا منيعا لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في وجه كل من يحاول أن يشق البيت الموريتاني، أو أن يسعى لعمل طوائف أو تخندقات، أو العمل لحساب محور شر ما هنا أو هناك، فنحن جميعا مطالبون بالاتحاد من أجل الجمهورية، وأن نعمل على لم الشمل الموريتاني، وأن نوقف نزيف السب والشتم والحرب الإعلامية الطاحنة التي يقودها للأسف من يدعون أنهم مثقفون فينا، فلن تنفعنا إلا وحدتنا واتحادنا، واصطفافنا خلف القيادة الموريتانية، ونحن الآن أكثر مطالبة بأن نعيد النظر في تعلم النقد الذاتي والنقد البناء، وأن نحترم رموزنا الوطنية، وأن لا نعزز ثقافة قطيع الأغنام، فالجامعات التي درسنا فيها بفضل منحة الدراسة الموريتانية في الخارج، لم تعلمنا أن نكون رعاعا أو أشخاصا يفتقدون إلى مهارات أكاديمية تعبَّأ هنا وهناك لإدخال موريتانيا في دوامة.
لقد علمتنا مدينة تجكجة مسقط رأس العلامة سيدي عبد الله ولد الحاج ابراهيم بأنها هي سحر الحاضر وعبق التاريخ، وأن نكون دائما جسورا لمصلحة بلادنا، ومنحتنا منذ تشبعنا بنسيم هوائها الحق في النقد دون وجل أو خوف، ولكن النقد البناء بإنزال الناس منازلهم. أبناء تجكجة ولدتم وطنيين، مسلمين مسالمين، مثقفين بالفطرة، فلا تنسوا الفضل بينكم والعهد الذي رسم لنا معالم طريقه الأجداد، لا سيما أن تجكجة هي أمانتهم في أعناقنا، فلا تسعوا في خرابها وتفريقها، بل اعملوا على أن تكون نقطة نظام يجسدها فكركم الراقي وعملكم مع رئيس الجمهورية غزواني، الذي جعل شعار حملته الانتخابية “للعهد عندي معناه” بكل أمانة وطنية وصدق، دون البحث عن المصالح الخاصة والفئوية، وإلا سنغرق جميعا.. وسيبقى العهد هو العهد.