قال المخرج المغربي كمال هشكار إن عمله الأخير، الذي اختار له وسم “في عينك كنشوف بلادي”، ظل وفيا لنهجه المرتبط بإبراز حقيقة الهوية المغربية المتعددة، مشيرا إلى أن كل أعماله “تعمل على إبراز قصص من الماضي تساهم في فهم الحاضر، وقصص تسعى إلى الافتخار بالهويات المتنوعة للمغرب وتقبلها، من أمازيغية، إسلامية، صحراوية، يهودية، أندلسية… تعكس الغنى التاريخي وتصد الفكر الظلامي والإسلام السياسي”.
وأوضح كمال هشكار، في حوار مع هسبريس، أن الفيلم الوثائقي الجديد “في عينيك كنشوف بلادي” يُعرض ضمن قسم بانوراما السينما المغربية في الدورة 18 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ويحكي قصة زوجين إسرائيليين من أصول مغربية يعيشان في القدس ويشتغلان في مجال الموسيقى التراثية المغربية، قبل أن يقررا القيام برحلة للمغرب لصلة أرض الأجداد.
وهذا نص الحوار:
مرحبا بكم الأستاذ كمال هشكار على صفحات جريدة هسبريس. هناك عمل جديد هذه الأيام، ما قصته؟
شكرا لجريدة هسبريس على الاستضافة. نعم الفيلم الوثائقي الجديد الموسوم بـ”في عينيك كنشوف بلادي”، والذي يعرض الثلاثاء ضمن قسم بانوراما السينما المغربية في الدورة 18 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، يحكي قصة فنانين إسرائيليين من أصول مغربية يعيشان في القدس ويشتغلان في مجال الموسيقى التراثية المغربية؛ “نيتا”، وهي بالمناسبة من تنغير، وتعمل مغنية، وزوجها “عاميت”، من تلوات، ويشتغل عازف بيانو.
يقرر الزوجان القيام برحلة للمغرب لصلة أرض الأجداد، وتقبيل التربة التي ينحدران منها، وهي العملية التي تعرفا خلالها على فنانين مغاربة جمعهم الفن والرغبة في التعريف بالهوية المركبة لبلدهم.
لا شك أن هناك رسالة تريدون تبليغها من خلال هذا العمل، ما هي؟
طبعا كل أعمالي تسعى إلى كشف الوجه المنسي أو المسكوت عنه من ذاكرتنا، فعملي الأول “تنغير-جيروزاليم” يسعى إلى إزالة الغبار عن التعايش والتسامح التي ميز العلاقة بين اليهود والمسلمين، أما عملي الثاني “تاسا ئنوتايريئنو” فتمحور حول الحب مع “حادة اوعكي”، وهو شريط كشف كيف توظف الأشعار الأمازيغية “ئزلان” تيمة الحب في قالب ذكي يهزم الطابو داخل المجتمع المحافظ. والعمل الأخير ظل وفيا لهذا النهج من خلال سعيه إلى إبراز حقيقة الهوية المغربية المتعددة.
كل أعمالي تعمل على إبراز قصص من الماضي تساهم في فهم الحاضر، قصص تسعى إلى الافتخار بالهويات المتنوعة لبلادنا وتقبلها، من أمازيغية، إسلامية، صحراوية، يهودية، أندلسية، تعكس الغنى التاريخي وتصد “الفكر الظلامي” و”الإسلام السياسي” الذي يحاول حصر الهوية الوطنية في البعد العربي-الإسلامي فقط.
أحاول ترسيخ قيم التعدد والتنوع والانتصار للهوية المركبة، وهو في الحقيقة مصدر قوة وفخر. يجب أن نفتخر بالتعددية وتاريخنا الغني بهذه القيم، وهو بالمناسبة ما يعكسه ويقويه دستور بلادنا.
كيف تفاعل الجمهور المغربي مع عمليك السابقين؟
في الحقيقة ليس فقط المغاربة، أعمالي وبكل تواضع استطاعت أن ترحل عبر العالم؛ فمثلا عملي الأول “تنغير-جيروزاليم” كان موضوع دراسة في مجموعة من الجامعات والملتقيات، وقدم كمادة للطلبة في عدة مدرجات أكاديمية أمريكية وفرنسية وإسرائيلية، ومكن الأنتروبولوجيين من مقاربة صورة اليهود من خلال السينما، وقد حاز عدة جوائز مهمة عبر العالم.
من جانب آخر، لن ننسى الجدل الذي خلقه العروبيون والإسلاميون الذين حاولوا “اتهامي” بالتطبيع مع إسرائيل، وبالمناسبة فأنا بصدد يهودنا المغاربة، الذين لم ينسوا حب وطنهم وثقافتهم ولغتهم وأشعارهم. وعموما، تلقيت وبكل تواضع الكثير من رسائل التنويه بالعمل.
بصفتك سينمائيا، كيف توظف القيم الإنسانية، وبالخصوص قيم التسامح والتعايش؟
من خلال أعمالنا نحاول إبراز تساؤلات وجودية وميتافيزيقية… وما يهمني شخصيا إبراز كل شيء جميل بالمعنى الفلسفي للكلمة، مع التعريف بثقافتنا وترسيخ القيم النبيلة، وخاصة إرساء الحوار.
كل أفلامي تنتصر للغير، وأكرر ما ختمت به شريط “تنغير-جيروزاليم”: نحن بحاجة إلى الآخر لنعرف من نحن، إنها أكبر قيمة يتعين الذود عنها، فمهما تكن مواقفنا السياسية وعقائدنا وألوان بشرتنا فالقيم تجمعنا وتجعلنا ننفتح على الآخر ونتعايش معه.