مع فرض الحماية على المغرب خلال عام 1912، حاولت السلطات استغلال نبتة القنب الهندي “الكيف” لأغراض سياسية من خلال السماح لمناطق مختلفة باستغلال القنب الهندي وكسر “هيمنة” منطقة الريف والشمال، حيث ازدادت الأراضي المزروعة بـ”الكيف” بكل من الحوز وسوس ودكالة.

ووفقا لمجلة تدغين للأبحاث الأمازيغية والتنمية (العدد السادس)، فإن “تصدير نبتة الكيف من المغرب في اتجاه أوروبا، ارتفع من 100 طن عام 1913 إلى 500 طن عام 1920”.

ونبتة “الكيف” تنتمي إلى فصيلة كنابيس “ساتيفا” من النوع الهندي، وتنمو مطلع فصل الربيع في المناطق الرطبة والمعتدلة، يستمر نموها فصلين كاملين، إذ يتم جمع المحصول في نهاية الصيف وبداية الخريف، تتكون من جذور غير عميقة يكفي أن تكون مغطاة تحت التراب، ومنها يخرج البرعم الذي يكون النواة الأولى للجذع الذي يصل إلى أزيد من مترين ونصف المتر”.

تذهب بعض الدراسات التي اهتمت بهذا الموضوع، وفقا للمجلة ذاتها، إلى أن إدخال الكيف إلى المغرب يعود إلى القرن الحادي عشر الميلادي، ويبدو أنه مع التوسعات الميركانتيلية أصبحت الموانئ المغربية تلعب دور الوساطة بين بلدان جنوب الصحراء والدول الأوروبية؛ مما ساعد على انتشار زراعة الكيف في الجنوب المغربي وتزايد انتشاره إبان العهد السعدي، وساهم في ذلك استعماله من لدن بعض الطرق الصوفية مثل “هداوة”، الأمر الذي دفع بالسعديين إلى تنظيم إحراقه خلال القرن الخامس عشر الميلادي.

وعلى الرغم من ذلك، فإن زراعة “الكيف” استمرت مع بداية العهد العلوي. وتذكر المصادر التاريخية، التي نقلتها المجلة، أن السلطان مولاي علي سنة 1734 كان مخبولا “خبلا تاما” من شدة تناوله “الكيف”، كما أن أحد مستشاري سيدي محمد مات سنة 1772 نتيجة لمجونه ومبالغته في استهلاك “الكيف”.

وحاول السلطان مولاي الحسن الأول القضاء على “الكيف” بالمغرب، فأصدر أمره بإحراق المزارع. وحسب المؤرخ الضعيف الرباطي، فإن السلطان مولاي سليمان أصدر، في 13 شوال 1814 الميلادي هو الآخر، مرسوما يأمر فيه بقطع “الطابا” و”الكيف” وإحراقها في كل بلد.

وخلال أوساط القرن التاسع عشر، يشير الكاتب سعيد البوزيدي، احتكر المخزن المغربي إنتاج وتصدير “الطابا” و”الكيف”؛ الأمر الذي جعل زراعته تعرف تقنينا قصد الاستفادة من مداخيله.

ويشير الدكتور ل. رينو إلى أنه كان يوجد بالمغرب عدد كبير من مزارعي القنب الهندي، لا سيما بمنطقة سوس ومراكش، وأنه في سنة 1899 استهلكت مدينة الجديدة 2700 كلغ من “الكيف”.

كما أنه خلال عام 1977 تم إحداث لجنة وطنية للمخدرات بموجب مرسوم رقم 626-77-2 بتاريخ 19 شوال 1397 الموافق 3 أكتوبر 1977، انكبت على التفكير في التدابير الرامية إلى تطبيق الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية في ميدان المخدرات السامة، والبحث عن الوسائل الكفيلة لتنظيم مكافحة المخدرات بالمغرب”.

بالرغم من هذه القوانين، فإن زراعة “الكيف” استمرت في المنطقة الشمالية، وساعد على ذلك الإسبان أيام الحماية وكذا الخصوصيات الجغرافية الصعبة للمنطقة.

وتشير كتب الرحلات الجغرافية التي زارت الريف الأوسط مع نهاية القرن التاسع عشر، كما نقلت المجلة، إلى وجود “الكيف” في المناطق التي كان يصعب الوصول إليها؛ مثل بني عيسى بكتامة وبني خالد في غمارة. وفي سنة 1945، فرضت السلطات الإسبانية على الفلاحين ضريبة “الكيف”، كان يطلق عليها ضريبة “خورو”.

ومع حصول المغرب على الاستقلال، عمدت السلطات المغربية إلى القيام بمحاولة القضاء على زراعة “الكيف” بواسطة شركة التبغ وإحراقها في سوق كتامة؛ غير أن هذه المحاولة باءت بالفشل”. كما كانت هناك محاولة تعويض زراعة الكيف بإنشاء تعاونيات فلاحية، تقوم بنشاطات رعوية وزراعية أخرى مع مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، غير أنها هي الأخرى مآلها الفشل.

وفي عام 1995، تم إنشاء وكالة تنمية الأقاليم الشمالية بمساعدة الاتحاد الأوروبي، قصد الحد من انتشار زراعة “الكيف”؛ بيد أنه على الرغم من هذه المحاولات فإن المساحات المزروعة بـ”الكيف” في تزايد مستمر، في اتجاه المناطق المجاورة لشفشاون وتطوان وتاونات والحسيمة وتازة”.

hespress.com