قال عبد العزيز العروسي، نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال الرباط، إن إسبانيا تسعى إلى إبقاء النزاع القائم بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من طرف الجزائر في الصحراء، من أجل بقاء سيطرتها على مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.
وأوضح العروسي، في ندوة نظمتها الجمعية المغربية للعلوم السياسية، بشراكة مع كلية الحقوق أكدال، أن “القراءات الجيو-إستراتيجية تبين أن حل مشكل الصحراء سيقود مباشرة إلى مطالبة المغرب بتحرير سبتة ومليلية، وبالتالي فإن من مصلحة الجارة الإسبانية استمرار النزاع القائم في الصحراء بين المملكة المغربية والبوليساريو والجزائر لمدة لا محدودة”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “الموقف الصارم للمغرب تجاه إسبانيا بعد إدخالها زعيم ميليشيات البوليساريو، إبراهيم غالي، بجواز سفر جزائري وهوية مزيفة، أشر على منعطف مهم تمثل في خروج الدبلوماسية المغربية من زاوية دبلوماسية الدفاع وردود الفعل إلى زاوية الاحتجاج والفعل”.
وانطلق العروس من تحليله للأزمة المخيّمة على العلاقات المغربية الإسبانية من ثلاثة مداخل رئيسية، وهي استمرار احتلال مدينتي سبتة ومليلية، وترسيم الحدود البحرية من طرف المغرب، ثم اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء؛ وهي الخطوة التي اعتبرها بمثابة “النقطة التي أفاضت الكأس” في علاقة البلدين.
وتابع المتحدث ذاته بأن الجارة الشمالية للمملكة منزعجة من تلمس المغرب خطواته على درب الدول الصاعدة، وهو ما جعلها تضع ضمن أجندتها العمل على الحد من هذا الزحف نحو قوة إقليمية.
وحسب القراءة التي قدمها العروسي فإنّ استقبال زعيم ميليشيات جبهة البوليساريو ليس هو منشأ المشكل في حد ذاته؛ “بل إن جوهر المشكل هو عدم متابعة القضاء الإسباني لغالي، في إطار قواعد القانون الدولي الإنساني، والتزاما بالدبلوماسية ذات الصلة بالدفاع عن المصالح المشتركة بين البلدين في إطار مبادئ القانون الدولي”.
وشدد المتحدث ذاته على أن القضاء الإسباني “كان لزاما عليه أن يتابع هذا الشخص بغض النظر عن الاعتبارات الدبلوماسية”، وزاد: “عوض إحداث أزمة دبلوماسية كان على الإسبان إعمال اتفاقية التعاون القضائي الموجودة بين البلدين، فينتهي الأمر عند هذه الحدود”.
وفي وقت تتواصل تداعيات الأزمة القائمة بين البلدين، قال العروسي إن “المغرب لا ينتظر من إسبانيا أن تؤيد موقفه في قضية الصحراء، بل أن تقف فقط على الحياد، وأن تكف عن اعتماد لغة الكيل بمكيالين”، ذاهبا إلى القول إن النزاع في الصحراء “لم يعد مشكلا مقتصرا على المغرب والبوليساريو والجزائر، بل امتد إلى إسبانيا التي تخوض حربا بالوكالة لصالح جهات معينة”، في إشارة إلى الجزائر والبوليساريو.