تسبب الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في حدوث “رجة” داخل جهاز المخابرات الخارجية الجزائرية، بحيث لم تتمكن الأجهزة السرية للجارة الشرقية من رصد خطوات الأمريكيين في الصحراء، وهو ما دفع اللوبي الجزائري في أمريكا إلى التحرك من أجل محاولة استحداث وضع جديد تنطلق منه الإدارة الأمريكية في تعاطيها مع قضية الصحراء.

وتحاول الجارة الشرقية تجاوز خيبة الأمل التي خلفها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، من خلال التضحية برئيس جهاز الاستخبارات الخارجية، الذي تمت إقالته أخيرا لأنه لم يرصد تحركات الأمريكيين، بينما تحرك اللوبي الجزائري في كونغرس بلاد ”العم سام” من أجل تقويض الاعتراف الأمريكي الأخير.

ولا تتوقف تحركات اللوبي الجزائري على المستوى الأمريكي، فقد أقر جيمس إنهوف، عضو الكونغرس الأمريكي، الذي يصفه الإعلام الدولي بـ”السيناتور الأشد جنوناً”، خلال زيارة سابقة لتندوف، بأن “زيارة الوفد الأمريكي إلى مخيمات تندوف هي في سبيل الحرية”.

وأصبح تعاطي الإدارة الأمريكية مع قضية الصحراء أكثر وضوحا ونضجا، فقد كرست باعترافها الأخير مبدأ يعتمد على إرضاء المغرب، الذي تصفه بـ”الحليف الإستراتيجي”، وتريد إعطاء قراءة واضحة للصراع بوقوفها إلى جانبه؛ فالمواقف الأمريكية الأخيرة مافتئت تعترف بالسيادة المغربية، بينما رحبت المملكة بـ”التعاطي الإيجابي للأمريكيين”.

ويشير الخبير في الشؤون الأمنية محمد الطيار إلى أن “التحركات الجزائرية الأخيرة، بعد إعلان الإدارة الأمريكية الاعتراف بمغربية الصحراء، تعكس وجود أزمة نظام داخل الجارة الشرقية، حيث دفع الوضع الجديد إلى إقالة رئيس المخابرات الخارجية، بعد مرور بضعة أشهر فقط على تعيينه، بمبرر أنه لم يستطع الحصول على معلومات بخصوص التحرك الأمريكي”.

وقال المتخصص في الحكامة الأمنية في تصريح لهسبريس إنّ “الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء يتماشى مع موقف الديمقراطيين الذين لطالما دعموا مقترح الحكم الذاتي”، مبرزا أن “التحرك الجزائري يبين للعالم أن مشكل الصحراء طرفه الأساس جزائري”، وتابع موضحا: “اللوبي الجزائري في أمريكا ضعيف ولا يمكنه التأثير في إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن لأن الأمر يتعلق بتحالف مغربي أمريكي قوي”.

وأوضح الطيار أن “الأمر يتعلق وضع جيو-استراتيجي جديد في المنطقة تقوده الولايات المتحدة، كما أن الاعتراف الأمريكي الأخير يدخل ضمن مخطط إنعاش العلاقات الإسرائيلية العربية، ولا يمكن لأي إدارة أمريكية أن تغامر بهذه العلاقات على حساب مصالح ضيقة”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “هناك تطورات إستراتيجية تحول دون سحب الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، فالوجود الصيني يتقوى في الساحل، كما أن الروس والفرنسيين لهم مطامع في المنطقة، وبالتالي فإن المغرب أصبح مركزا سياسيا إقليميا”، مبرزا أن “أمريكا تراهن على ميناء الداخلة الكبير للانفتاح على الدول الإفريقية”.

وشدد الجامعي ذاته على أن “الدبلوماسية الجزائرية فشلت في أزمتي ليبيا ومالي، وهذا يبين أن المغرب استرجع مكانته كقوة إقليمية ومركز سياسي في المنطقة؛ في حين أن الجزائر لم يعد لها موقع على المستوى الإقليمي، وتراجع اقتصادها بشكل كبير، إذ تعاني من عجز كبير على مستوى الموازنة”، خاتما بأن “ما تروجه لا يعدو أن يكون للاستهلاك الداخلي”.

hespress.com