مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصّحراء وانتقال ثقل ونفوذ واشنطن في إفريقيا إلى الأقاليم الجنوبية، تدخل المملكة غمار ترسيم الحدود البحرية وهي مسنودة بـ”دعم” أمريكي غير مسبوق، انبثقت منه قرارات دبلوماسية وميدانية عديدة، ستدفع بالخيار السّيادي المغربي إلى تثمين وجوده على السّاحل الأطلسي، لا سيما في صراعه مع الإسبان.

وما زالت الأوساط الرسمية في مدريد تنظر إلى المملكة بنوع من “التوجس”، بالنظر إلى طموحات الرباط في الصحراء وشمال إفريقيا، بحيث لم تنجح الوساطات الدبلوماسية في تكريس مسار “التهدئة”، خاصة في ما يتعلق بـ”ترسيم الحدود البحرية قبالة الأقاليم الجنوبية”؛ وهي الخطوة التي لم تقبلها مدريد، لأنها ـ بحسبها ـ جاءت “من الجانب الواحد”.

ومع الوجود الأمريكي في الصحراء ستكون مدريد “حذرة” في تعاطيها مع السّيادة المغربية، خاصة في ما يتعلق بالحدود البحرية على مستوى الأقاليم الجنوبية، وتدبير مسألة المنطقة الاقتصادية الخالصة التي ما زالت تثير الكثير من الجدل في الأوساط الإسبانية.

ولم تعد تفصل المغرب عن تثْبيت وجودهِ “السيادي” بالمحيط الأطلسي سوى خطوة “واحدة”، تتعلق بإيداع كافة الخرائط والمعلومات ذات الصلة، سواء المرتبطة بحدود المنطقة الاقتصادية الخالصة أو الجرف القاري، لدى الأمين العام للأمم المتحدة، ليتولى بعد ذلك الإعلان الواجب عنها.

وبعد إعلان الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة المملكة على الصحراء، قالت أرانشا غونزاليس لايا، وزيرة الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون، إن حل مشكلة الصحراء “لا يعتمد على فرض سياسة الأمر الواقع أو العمل الأحادي لبلد ما، بغض النظر عن حجم هذا البلد”؛ بل بالأحرى “يقع مركز الثقل في الأمم المتحدة”.

وتعترف الأوساط الإسبانية بأنّ الخطوة الأمريكية وتمدّد المغرب في الصّحراء يزيدان من إضعاف موقف مدريد على المستوى الإقليمي، وقبل كل شيء، كمفاوض مع الرّباط؛ بحيث سيمكّن القرار الأمريكي من حصول المغرب على طائرات F 35 الجديدة المتفوقة كلّياً على مقاتلة Eurofighter التابعة للجيش الإسباني.

وفي هذا الصّدد، يؤكد صبري الحو، المتخصص في القانون الدولي، أنّ “الاعتراف الأمريكي سينعكس إيجابا على كل التصرفات الدبلوماسية والقانونية التي سيقوم بها المغرب مستقبلا على المستوى الدولي، وسيعطيه شرعية وسينزع عنه ذلك الضغط الذي كان يُمارس عليه من أجل استصدار مواقف لا تخدم مصالحه الحيوية”.

وأوضح الخبير في القانون الدولي، في تصريح لهسبريس، أن “هذا الاعتراف سيجعل للمغرب أصدقاء داخل المنظمة الدولية للبحار، بحيث أن غالبية أعضائها هم أمريكيون؛ وبالتالي، فإن مسألة ترسيم الحدود البحرية لن تشوبها أي مقاومة قانونية. كما أن هؤلاء سيسهلون عملية التفاوض بين الإسبان والمغرب، دون المساس بمصالح المملكة”.

واعتبر المحلل والخبير في العلاقات الدولية أن “الجانب الإسباني سوف يأتي إلى المفاوضات ليس من باب “مضايقة” وانتزاع أحقية المملكة في سيادتها المائية، وإنما من أجل التفاهم وتجاوز الأزمة”، موردا أنه “في حالة عدم الوصول إلى حل تفاوضي، فإن اللجوء إلى المحكمة الدولية للبحار يبقى أحد الخيارات الممكنة، بينما غالبية أعضاء هذه المحكمة هم أمريكيون”.

وختم تصريحه قائلا: “السيادة على الأرض تعطي السيادة على الماء والمنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري”.

hespress.com