ما زال إبراهيم غالي داخل إسبانيا يتلقى العلاج، وما زالت الرباط تنتظر أجوبة من مدريد حول أسباب استضافة زعيم “البوليساريو” على أراضيها، وفي حالة عدم الرد على استفسارات المملكة ومحاولة تهريب “بن بطوش” إلى الجزائر تكون العلاقات المغربية الإسبانية فعلا قد دخلت نفقا مسدودا.

ووفقا لمصادر إسبانية، هبطت الطائرة العسكرية الجزائرية المسجلة 7T-WRP مساء أمس الاثنين في توريخون الإسبانية، تقل شخصيات عسكرية جزائرية رفيعة المستوى، قبل أن تغادر متوجهة مرة أخرى إلى الجزائر؛ وهي طائرة صغيرة تستخدم عادة لسفر الشخصيات، وتتسع لما بين 12 و15 راكبا.

وتحاول السلطات الجزائرية تهريب إبراهيم غالي إلى الجزائر ثم إلى مخيمات تندوف؛ وهو المعطى الذي تخشاه إسبانيا، حيث سيؤدي الأمر إلى نشوب أزمة خطيرة بين مدريد والرباط. وما زالت هذه الأخيرة تنتظر توضيحات من الجانب الإسباني حول سياقات دخول غالي إلى التراب الإسباني دون عرضه أمام المحكمة والسلطات القضائية.

ولا يبدو أن إسبانيا تسعى إلى حل هذا المشكل بطريقة دبلوماسية؛ فقد اختارت التصعيد مع الرباط، وأدى ذلك إلى تناثر غبار تصريحات غير مسبوقة من الجانب الرسمي الإسباني، بينما يحاول المغرب سلك الطرق الدبلوماسية للحصول على إجابات بشأن “استضافة غالي”.

ويرى إلياس الموساوي، المحلل والمتخصص في العلاقات الدولية، أن “سماح سلطات مدريد لإبراهيم غالي بمغادرة التراب الإسباني من دون المثول أمام القضاء سيزيد من تأزيم العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا؛ ولكن هذه الهزات التي تصيب هذه العلاقة لا أعتقد أنها ستصل إلى مرحلة الطلاق التام”.

ويرجح الموساوي، في تصريح لهسبريس، أن ينخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى الحد الأدنى، ومن المرجح أيضا عدم عودة سفيرة المغرب إلى مدريد دون التوصل إلى تفاهمات بين الطرفين. كما أن الرباط ستعيد النظر في تدبير ملف الهجرة في شموليته، حيث إن مقولة “المغرب ليس دركيا لأوروبا وإسبانيا” التي عبر عنها وزير الخارجية ناصر بوريطة في أكثر من مناسبة ستتم أجرأتها على أرض الواقع”.

وقال المحلل والمتخصص في العلاقات الدولية بأن “هذا سيؤدي إلى زيادة أعداد المهاجرين الذين سيتدفقون على السواحل الجنوبية لإسبانيا، في سيناريو سيكون مماثل لما حدث بين تركيا واليونان”.

وفي هذا الصدد، يشرح المتحدث ذاته أنه “من المحتمل أيضا أن تتأثر العلاقات الاقتصادية بين البلدين على جميع الأصعدة، بحيث إن الامتيازات التي كانت تُعطى للمستثمرين الإسبان سيعاد النظر فيها، ناهيك عن إمكانية مراجعة الواردات المغربية الكبيرة التي كانت تُستورد من إسبانيا”.

وفي حالة وصول الأزمة إلى نفق مسدود من المؤكد أن إسبانيا لن تبقى الشريك الاقتصادي الأول للمملكة المغربية نتيجة عدم تحيين مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية”، يشدد الموساوي، مضيفا أنه في مقابل هذا تظهر بعض الملفات التي من شأنها أن تستبعد فكرة التجميد النهائي للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث تطفو على الواجهة “عملية مرحبا” التي تتم سنويا بين الطرفين من خلال اجتماعات دورية بين سلطات البلدين.

وقال المحلل بأن الجالية المغربية الكبيرة في إسبانيا تجعل من إلغاء هذه العملية أمرا مستحيل التوقع، وبالتالي فالطرفان يحتاجان إلى بعضهما من أجل إنجاح هذه العملية، قبل أن يختم تصريحه بالقول إن “المغرب شريك إستراتيجي ويتمتع بوضع متقدم لدى الاتحاد الأوروبي، وإسبانيا أحد الأعضاء المهمين في هذا التكتل”.

hespress.com